كأي حدث تاريخي رئيسي يترك أثراً في الجغرافيا، نتوقع أن تترك ندوب سنة 2015 الدامية لها آثاراً على وجه خارطتنا في الخليج، فعلاج المرض في فترة العدوى لم تتم بشكل صحيح، ولم تتعدَّ كريمات لإخفاء اللون البني أو الغامق على بشرة خليجنا الحساسة. لقد كان المرض الذي أصابنا هو الاتفاق النووي بين طهران ودول «5+1»، والذي كان يسري في جسدنا منذ عشر سنوات، حتى تم تأكيد الإصابة به في 14 يوليو 2015، أما مواقف دول الخليج فكانت متقاربة بشأن الاتفاق وأعلنت أنها تؤيد وجود اتفاق يضمن منع طهران من الحصول على سلاح نووي. لكن تلك كانت انحناءات دبلوماسية وقوة شكيمة حتى لا يفرح بنا الشامتون. فواقع الأمور يظهر أن هذا الاتفاق جعل إيران بقوة الدولة النووية حتى قبل أن تفجر قنبلتها. حيث تكشفت ثغرات مروعة أهمها أن إيران ستفتش نفسها بنفسها! وسيقوم الإيرانيون بأنفسهم بأخذ عينات من مواقعهم العسكرية ويسلمونها للوكالة الدولية للطاقة الذرّية لفحصها. فالقول إن الاتفاق جيد هو أمر سخيف وما ذلك إلا تبرير لفشل الجهد الاستخباري والدبلوماسي الخليجي. ثم ثبت أن الجنوح للقوة في التعامل مع نظام طهران خيار موفق بدل الإغراق في البعد السياسي، فالتعامل مع إيران المتحررة من قيد الدولة المنبوذة دولياً لم يعد هو التعامل المطلوب. فجاء قرار عملية «عاصفة الحزم» العسكرية في 26 مارس 2015، عندما قامت القوات الجوية الخليجية بقصف جوي مكثف على جماعة «أنصار الله» والقوات التابعة لعلي عبدالله صالح في اليمن، بعد طلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لإيقاف الحوثيين من الاستيلاء على عدن. لقد كانت «عاصفة الحزم» عاصفة مدوية عالجت بعضاً من تبعات الاتفاق النووي، كغطرسة الحوثيين وحليفهم صالح. وأبلغت إيران أنها لن تسرح وتمرح بالمنطقة كما تشاء، ورفعت معنويات المعارضه السورية، وأعادت «حزب الله» إلى رشده، فظهرت بوادر حل أزمة الحكم في لبنان، لكن الأهم أنها أثبتت أن بقدرتنا معالجة ما نعانيه من أمراض إقليمية مستوطنة بدون مضادات حيوية من الخارج.
* بالعجمي الفصيح
قد يكون الاتفاق النووي و«عاصفة الحزم» أهم حدثين على ضفتي الخليج خلال 2015، لكن أهم ما سمعته هو تعهد قراصنة صوماليين باعتراض كل سفينة إيرانية تمر بالبحر الأحمر، غيرة على عروبتهم ومقدساتهم، ورداً على قول عبدالملك الحوثي «سنحج لمكة في السنة القادمة بأسلحتنا»، وكل عام وأنتم بخير.
* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج