عبدالرحيم الكوهجي

مواقف مؤلمة على شاطئ الحياة.. أقدارها في كثير من الأحيان تجعلك تتألم لحالك ومآلك ولحظات حياتك.. كيف انقضت سريعاً.. وكيف مرت الأيام بلا فائدة قدمتها في دنياك.. مهما كتبنا عن الأقدار.. ومهما تأملنا روايات الحياة ومفاجآتها ورحيل الأحباب والأقرباء في لحظات خاطفة.. فإننا سنظل هنا نتأمل حالنا.. يا ترى كيف ستكون أوصاف لقاء الرحيل الأخير عن دنيا البشر.. كيف سنترك سجادة الصلاة وموطئ أقدامنا في المسجد.. وآثار عملنا في الخير.. كلها تساؤلات تتبادر إلى الذهن كلما فقدنا قريباً أو حبيباً.
يقول الشيخ عائض القرني: «إذا أصبحت فلا تنتظر المساء.. اليوم فحسب ستعيش.. فلا أمس الذي ذهب بخيره وشره.. ولا الغد الذي لم يأتِ إلى الآن.. اليوم الذي أظلتك شمسه وأدركك نهاره هو يومك فحسب.. عمرك يوم واحد.. فاجعل في خلدك العيش هذا اليوم وكأنك ولدت فيه وتموت فيه.. حينها لا تتعثر حياتك بين هاجس الماضي وهمه وغمه، وبين توقع المستقبل وشبحه المخيف وزحفه المرعب.. لليوم فقط اصرف تركيزك واهتمامك وإبداعك وكدك وجدك.. فلهذا اليوم لابد أن تقدم صلاة خاشعة وتلاوة بتدبر واطلاعاً بتأمل وذكراً بحضور واتزاناً في الأمور وحسناً في خلق ورضا بالمقسوم واهتماماً بالمظهر واعتناء بالجسم ونفعاً للآخرين».
عبدالرحيم الكوهجي أحد رواد مسجدنا (الإيمان) بحالة بوماهر بالمحرق، من رجال (زمن الطيبين) والبقية الباقية المتبقية من رجال الزمن الأثير إلى القلب.. بالأمس كان يتجاذب معنا أطراف الحديث في المسجد.. وكعادته يسلم على الجميع ويسدي نصائحه للمصلين على مختلف جنسياتهم.. واليوم نتلقى خبر وفاته.. كالصاعقة على قلوبنا.. فجأة في حادث سيارة في المحرق.. نقل على أثره للمستشفى.. ثم فارق الحياة بعد لحظات.. هكذا هي الحياة لا تدري متى تدركك المنون.. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح..» رسالة نبوية واضحة في حث المؤمن على قصر الأمل في هذه الحياة.. فعش يومك فحسب.. وقدم الخير بين أروقته ما يعينك على حياة أخرى تنتظرك في الغيب.. اللهم سلم..
إذا أردت الحديث عن الحاج عبدالرحيم فلا تكفي الكلمات المعدودات في وصف سجاياه.. حضور مبكر للمسجد في الجهة اليمنى التي اعتاد أن يصلي فيها.. يحرص قبل وبعد الصلاة أن يسلم على الجميع ويتمازح معهم على مختلف جنسياتهم لأنه يتقن (الأوردو).. ويهدي كل من يقابله مهما كانت مكانته هدية متواضعة.. كقلم.. مبلغ زهيد.. ميدالية.. وتلاحظه عند خروجه يزيح الأذى والأوساخ عن طريق المسلمين، ويتصدق على عمال الطريق، ويضع الخبز في كيس ويعلقه بالقرب من حاوية القمامة حتى يستفيد منه الغير في إطعام الدواب.. الجميع كان يحبه في المسجد.. ويستأنس بسماع كلامه.. دائماً ما ينصحنا بالاهتمام بالصحة والمحافظة على الجسم، والأهم الطمأنينة في الصلاة.. رحمه الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان، وأحسن لنا الختام من هذه الدنيا.