مرت علينا كمواطنين ذكرى جميلة حفرت في وجدان المواطنين الحقيقيين بأحرف من نور، وهي ذكرى العيد الوطني، وذكرى جلوس حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، ونحمد الله أن الأمن والأمان يخيم على الوطن وأهله، وهذه النعمة من عند الله وحده، هي أهم وأعظم النعم، ولا يعرف قيمة الأمن إلا من فقده.
نتمنى اليوم من المسؤولين ألا يجعلوا ذكرى العيد الوطني ويوم الجلوس مظلمة كما حدث لنا هذا العام، فالدول تتقدم للأمام ونحن نعود للخلف..!
من غير المقبول أن نتخبط حتى في زينة العيد الوطني، هذا الأمر يجب ألا يتكرر، وإن كانت الدولة ستقلل مصاريف زينة مباني الوزارات، فلا يجب أن تقل في الشوارع العامة أبداً، فقبل سنوات بسيطة كان هناك من يريد لنا ألا نحتفل بهذه الذكرى، وكان البعض يحرض على الأعمال الإرهابية في هذه الذكرى ومازال.
كل هذه الأمور تجعلنا نقول إن هناك ضبابية في الرؤية، وإن أبسط الأمور ربما نتخبط فيها، حتى جاءت البلديات لتضع بعض الزينة في يوم العيد الوطني..!
اليوم من بعد أن استقرت السفينة ولله الحمد «واستوت على الجودي»، يبدو أننا أمام مرحلة أخرى من «تغيير الخطة»، والتحول من مشروع الانقلاب عبر الشارع والفوضى والإرهاب والقتل إلى مشروع العودة إلى الخطة السابقة التي تقوم على التسلل والتغلغل البارد، من أجل مواصلة المشروع الأول والسابق وهو الهيمنة على الدولة من الداخل.
كما أن البعض أخذ يعود إلى المجالس، وألقى الراية وسلم واستسلم، وأدرك أن كل شيء انتهى، وأن كل الجعجعات والخطابات الثورية والتي تريد الانقلاب على الشرعية انتهت تماماً.
حتى الغرب الذي عول عليه الانقلابيون باعهم اليوم، من بعد أن وضعوا بيضهم في سلتين، السلة الإيرانية، والسلة الأمريكية الأوروبية، أيضا يبدو أن هذه السلات انقلبت بفضل الله على صاحبها، وتكسر البيض، وعاد حاملها بخفي حنين.
المنافقون أيضاً عادوا إلى المجالس بخطاب جديد يتزلف ويتملق، وأصبحوا يتحدثون عن دور المملكة العربية السعودية القوي والحكيم، بينما هم أنفسهم من كان يشتم ويقول كلاماً بذيئاً حين دخلت قوات درع الجزيرة إلى البحرين.
كل شيء انقلب، والمرحلة تتطلب منهم تغيير الوجوه، وتغيير السياسات، والعودة إلى الخطة القديمة في الاستيلاء على الدولة من الداخل، ولا بأس من تقديم ولاء مصطنع حتى يتمكنوا من العودة إلى الدور القديم.
أبناء البحرين الحقيقيون دائماً ما يكون موقفهم ثابتاً وقوياً وصلباً حتى في الأزمات، بل يكون أقوى في الأزمات، سواء كانوا في المدن أو القرى، هؤلاء لا يتبدل موقفهم أبداً، ولا تتغير مواقفهم بناء على صعود الموج أو هبوطه، بل إن صعود الموج يجعلهم يتمسكون بالثوابت أكثر، وبشرعية الحكم أكثر، وبسيادة الدولة أكثر.
هذه النماذج من أهل البحرين هم الذخيرة الحقيقية، هم السند، هم الذين تستطيع أن تعتمد عليهم في الوقت الحاسم الخطير، وتستطيع أن تدير لهم ظهرك، دون أن تخشى طعنة غدر، وخيانة قريب، بل إنهم يقدمون الثناء والمحبة والإجلال لكل يد تمتد إليهم بالخير، ولا ينسون المواقف، ولا ينكرون الفضل.
اليوم حين نرى أن الإرهابيين في بريطانيا قد تمت محاكمتهم، وربما قد تسحب جنسياتهم البريطانية، ندرك أن اللعبة انتهت تماماً، وأن حكمة وبعد نظر وقيادة جلالة الملك في أخطر أزمة عصفت بالبحرين، قد قادت السفينة إلى أن نصل اليوم إلى هذا الموقف القوي، حتى أدركنا كمواطنين أن السحر انقلب على الساحر، ولم يكن لذلك أن يحدث لولا حكمة الرجل الأول، والتاريخ سيدون موقف جلالته وسيسجل كيف أنه استطاع في ظرف أقل من أربع سنوات أن يجعل الذين انقلبوا يعتذرون، وينهزمون، ويولون الأدبار.
نحن اليوم أمام مشهد واحد ليس له شبيه أو مثيل، وهو مشهد «المنتصرون يكتبون التاريخ دوماً» من هنا يجب أن ندرك أن الخطر لم ينته يوماً، وأن الجارة العدوة تخطط دائماً من أجل تقويض أمننا.
نعم انتصرنا بفضل الله سبحانه، هو الناصر والموفق والمسدد، وهذا النصر ينبغي أن يعلمنا كما تعلمنا الهزيمة، المستقبل لا أحد يستطيع أن يتنبأ به، غير أننا يجب أن نغير كل السياسات التي أدت إلى أزمتنا الكبيرة، ولا نركن للنصر، ونقول انتهى الأمر، أمامنا تحديات كثيرة، وطنية صرفة، واقتصادية عميقة وهي تحديات خطيرة.