نبدأ من قول الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه: «لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها»، وها نحن نشهد اليوم هذا الصلاح الذي بدأت رياحه تهب من شبه الجزيرة العربية، المملكة العربية السعودية، التي خصها الله وشرفها بخدمة الحرمين الشريفين، هذه الرياح التي بدأت هبوبها مع أول طائرة تحركت عجلاتها من قاعدة الملك عبدالعزيز الجوية، لتعلن بداية تطهير أرض اليمن من أذناب إيران، بناء على طلب رئيسها الشرعي عبدربه منصور هادي.
إنه التحالف العسكري الإسلامي الذي جاء بعد تكلل عملية «عاصفة الحزم» بالنجاح بفضل من الله وكرمه، والذي هو إشارة إلى أن هذه الأمة اليوم تعود إلى سيرتها الأولى، حين فتح رجالها الأوائل الأقطار والأمصار، ليقيموا شريعة الله ودين الإسلام، هذه الأمة التي لاتزال حاضرة في قلوب أبنائها، وقبلهم قلوب ملوكها ورؤسائها، الذين وحد الله اليوم كلمتهم، وهي أولى بداية صلاح الأمة حين تتوحد رايتها وتسلم قيادتها إلى أرض الرسالة، وذلك بعدما أستطاع خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، بعد توكله على الله، ثم بالتفاف ملوك ورؤساء الدول العربية والإسلامية حوله، أن يرفع رأس هذه الأمة لتعلو هامتها على أعدائها شرقاً وغرباً.
تاريخ الأمة المشرق بدأ من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته حتى يومنا هذا، وإن طرأ على إشراقة الأمة شيء من التغيير إلا أن الجميع يعلم أنه طارئ مؤقت لابد أن يزول، تاريخ الأمة البهيج الذي لم يحتج إلى قواعد عسكرية ولا إلى جيوش عالمية كي تعيده، فرجل واحد كفيل بأن يعود به، وذلك كما فتح الصين رجل واحد وهو أمير المجاهدين قتيبة بن مسلم بن عمر الباهلي، حيث تمكن في «94-96 هجرية»، من نشر الإسلام وتثبيته حتى وصل بفتوحاته إلى حوض نهر سيحون بما فيه من مدن، ثم دخل أرض الصين وانطلق بجيوشه فيها ووصل مدينة «كاشغر» وجعلها قاعدة إسلامية، وكان هذا آخر ما وصلت إليه جيوش الإسلام في آسيا شرقاً، ولم يصل بعده أحد من المسلمين أبعد من ذلك، هذه الإرادة التي نتكلم عنها اليوم، إنها إرادة الرجال الأوائل التي نشم نفسها بعودة الأمة وإقبالها على مجد قد يصل أبعد من «كاشغر»، إنه إعلان التحالف الإسلامي ضد الإرهاب الذي سيقطع الطريق أمام أعداء الأمة، الذين يحاولون بالمكر والحيلة تبديد شمل هذه الأمة وتفتيت دولها بدعوى دفاعهم بالنيابة عنها تحت أسماء متعددة ومنها «محاربة الإرهاب»، والذين استطاعوا من خلال دعوتهم الباطلة هذه انتهاك سيادة الدول العربية والإسلامية.
إنها الاستراتيجية القادمة التي ستبني عليها الأمة نهضتها ومستقبلها، والتي منها ستتبدد آمال الدول الاستعمارية المتغطرسة التي استباحت دماء المسلمين في العراق وسوريا، وحاولت أن تستبيح دماءهم في اليمن، بعدما ساندت المتمردين الحوثيين الموالين لإيران بتمكينهم من اليمن، إلا أن الله رد مكرهم إلى نحورهم، نحورهم التي اليوم سيلتف عليها كيدها أضعافاً مضاعفة، وذلك حين استطاعت الأمة أن تصلح حالها بما صلح به أولها، إنه الصلاح الذي كان بدايته التحالف العربي الذي انطلق بـ»عاصفة الحزم»، وتكلل نصرها بإذن الله بإعلان قيام «التحالف العسكري الإسلامي»، ليكون بداية استراتيجية أمة الإسلام حين تقطع يد أعدائها من الداخل وتذود عن حماها، حتى لو اضطرت أن تذهب إلى أبعد من «كاشغر» الصينية، لأن هذه الأمة لم تتوقف يوماً عن إنجاب أمثال قتيبة بن مسلم، وها هي «عاصفة الحزم» كفيلة اليوم بشرح كيف سيكون شكل وهيئة «التحالف العسكري الإسلامي»، الذي لن يزيد استشهاد أبنائه إلا تصميماً وإصراراً على مواصلة دحر أعداء الإنسانية الذين لا ترتاح نفوسهم إلا بسفك دماء الأبرياء من الشعوب الإسلامية.