في عيدك يا بحرين ماذا عسانا أن نكتب ونقول، وأنت أكبر من كل أبيات وعبارات نسجلها في مقال، وأعظم من كل الحروف والمقالات والخطب، أنت يا وطن أكبر من الأغاني والأهازيج، أنت أكبر من القصائد والزينة، لذا أرجو العذر يا وطني إن خانتني حروفي. ماذا عسانا أن نكتب ونقول في عيدك يا بحرين؟ وأنت ممتدة على مساحات وخارطة قلبي بدون حواجز أو حدود، كنت وطن نحيا فيه فأصبحت وطن يحيا فينا، كنت وطن نعيش فيه، فأصبحت وطن نعيش من أجله. نعم، لم تصل البحرين إلى حد الكمال أو ما هو مأمول، لكن ستظل البحرين في نظري أجمل من كل الأوطان، وستكون أجمل من كل الأوطان لو صدق العزم وطابت النفوس وقل الكلام وزاد العمل. السادس عشر من ديسمبر هي الذكرى العزيزة على قلب كل مواطن شريف، تخبرنا هذه الذكرى عن حجم التضحيات التي بذلها شيوخنا وحكامنا المؤسسين لهذا الوطن ـ طيب الله ثراهم ـ وتسطر لنا قصص الملاحم التي صنعها أجدادنا وأباءنا في سبيل بناء كيان واحد راسخاً ونسيج وطني متماسكاً، رغم كل الاختلافات المذهبية والأيديولوجية وحتي الدينية والتفاوت والتباين بينهم، سماه البحرين. فهل نضحي بهذا كله؟ هل نسمح بموت هذا الوطن الذي تركوه بين أيدينا أجدادنا وارتحلوا وهم مطمئنون بأننا سنحافظ عليه؟ هل نرتقي إلى حجم الأمانة العظيمة التي تركوها لنا؟ هل نفرط في الوطن؟ لا وألف لا، لن نعيش، إن لم يعش الوطن، سنموت قرابين على مذبح هذه الأرض، في سبيل أن تعيش البحرين حرة آمنة كريمة. وأقولها للمرة الألف، يجب أن يعي الجميع أننا شعب لا يحتمل الفرقة والانقسام، وعلينا أن نعي أن الأخطار والتحديات التي تحيط بنا من كل حدب وصوب، كثيرة وكبيرة، وانعكاساتها المباشرة على أمننا الوطني ومقدرات ومكتسبات شعبنا جسيمة وخطيرة، الأمر الذي يستوجب الحذر في عدم إتاحة الفرصة لمن يريد تعكير صفو وحدتنا وتمزيق نسيجنا الاجتماعي. والآن وقبل أن أترجل من صهوة مقالي، أدعوكم – كعادتي كل عام – للاستماع لأجمل ما كتب الشاعر الكويتي بدر بروسلي عن البحرين وأرق وأنعم ما نشد به «الفنان الحبيب» إبراهيم حبيب، عسى قلوباً أن تئن وترفع منها الضغينة والحقد وأن تسعى كلمات هذه الأغنية في إصلاح ذات بيننا: تبين عيني.. لج عيوني.. أنا و كل ما أملك.. فدا أرضج يا شوق اللي إذا أبعد يناديني.. يقول أنت عزيز الراس.. وأهلك من أعز الناس.. يقول أنت بحريني.. يقول أنت بحريني * تغريدة: «علمني وطني أن دماء الشهداء هي التي ترسم حدود الوطن».. إلى كل أم ثكلت بابنها وكل أرملة فقدت زوجها وكل ابن وأبنه فقدا حنان الأب والسند والمأوى، في هذا اليوم نتذكر شهيدكم فيما أعناقنا تطاول السماء فخراً وعزاً وشرفاً، ونقف جميعا إجلالاً واحتراماً وتقديراً لدمائهم الطاهرة الزكية التي سالت في سبيل الدفاع عن حيض الوطن والأمة نصرة لدينه وفي سبيل مواجهة أعداء الأمة، وستظل أرواحهم ترفرف على هذا الوطن، وستظل ذكراهم محفورة في قلوبنا، فهنيئا للذين باتوا مدرسة في الإقدام والتضحية ومنهل فخر لكل أبناء الوطن الغيورين على سيادة وطنهم وشرفهم.. هنيئاً لمن هم اليوم أحياء عند ربهم يرزقون..