أعاد البيان الختامي لقادة دول مجلس التعاون في دورتهم بالرياض تذكيرنا بواقع مرير لا معنى لإنكاره، فقد تضمن المصادقة على تفعيل القيادة العسكرية الموحدة، واعتماد الموازنة المخصصة لها ومتطلباتها من الموارد البشرية. ومشكلتنا مع المصادقة أنها وردت بعد التغييرات البنيوية التي طرأت على البيئة الأمنية المحيطة. فلو أن المصادقة وردت حال طرح المشروع قبل 3 سنوات لكان التعامل مع تلك التغيرات افضل.
وفي التعاون الخليجي المشترك فقط تبقى الكتابات النقدية القديمة صالحة للنشر في أي وقت، فقد كتبنا عن أهمية إنشاء قيادة مشتركة، بضباط محترفون. وتستدعي القوات فقط عند تنفيذ التدريبات أو مجابهة الأخطار. وأن تمنح القيادة العسكرية الصلاحيات الحقيقية، لكي تبدي آراءها وتخطط وتتصرف حسب مقتضيات الموقف العسكري. ويكون منصب القائد، كما هو الحال في حلف «الناتو»، من نصيب الدولة ذات الإسهام الأكبر. وفي حالة الحرب، تكون مهمة القيادة الدائمة ممارسة القيادة العملياتية على قوات المجلس. كتبنا ذلك قبل 3 أعوام، وحتى الآن لم تعلق الخرائط العسكرية في مبنى القيادة المشتركة، لأنها كما جاء في البيان لم تفعل ولم يتم اعتماد الموازنة المخصصة لها ومتطلباتها البشرية. ونعيد أن عدم الإنجاز يعني ضياع فرصة أن تكون هذه القيادة هيكل للتواصل مع الفاعلين في عملية التغيير البنيوية في بيئتنا الاقليمية كالتالي:
* «الناتو»: ستكون القيادة دافع لترقية دور «الناتو» ضمن مبادرة إسطنبول بدل استمراره كـ «مزود بالأمن الناعم» في بيئة إقليمية خشنة كتبادل المعلومات والتدريب والاستشارات فقط، مما بدد الوهم بالجدوى الاستراتيجية للمبادرة، كما كان بالإمكان تجاوز رفض الرياض ومسقط الانضمام للمبادرة مباشرة، وكيف نلومهم، و«الناتو»، يجيز لنفسه أن يكون منظمة واحدة بــ 28 دولة ولا يجيز لنا ذلك ونحن 6 دول فحسب!
* التحالف ضد «داعش»: ستوحد القيادة جهود الحملة الجوية الخليجية القائمة مع 66 دولة، فالتعامل عبرها يغطي تباين المشاركة الخليجية. ويتحول الأمر إلى طلب جهد جوي خليجي دون تحديد الدولة.
* عاصفة الحزم: لو كانت القيادة قائمة لتم التنسيق مع القوى غير الخليجية، ولغطت على التباين في حجم المشاركات الخليجية نفسها لاسترداد الشرعية في اليمن.
* القوة العربية المشتركة: نكاد نجزم أن وجود القيادة العسكرية الموحدة كان سيظهر كمثال ناجح وسيدفع بالأمور إلى الأمام ولما تعرض مشروع القوة للانتكاس.
ثلاثة أعوام تفصل بيننا وبين طرح المشروع بالقمة الخليجية الـ 33 بالمنامة 2012، و30 عاماً ونيف راقبنا سرعة آلية اتخاذ القرار الخليجي يتبعها آلية تنفيذ يعيقها التروي الممل تجعلنا نشك في افتتاح غرفة الحرب في القيادة العسكرية الخليجية الموحدة بعد ثلاثة أعوام!