لم تألف الأمة الإسلامية الخروج على شرعية حكامها، وولاة أمورها، بل كانت دائماً السد المنيع في وجه المستعمرين والانقلابيين، وها هو شعب البحرين من شعوب هذه الأمة، الذي ضرب مثالاً في كيفية الالتفاف حول حكامه، أثناء المؤامرة الانقلابية، ووقف في وجه الانقلابيين بكل ثبات، وثقة في نصر الله، هذا الشعب الذي لم يكترث بسفن حربية، ولا زوارق حربية إيرانية، تنتظر ساعة الانطلاق إلى سواحل البحرين، وها هو اليوم شعب اليمن الأبي يلتف هو الآخر حول شرعيته، عندما حاول الحوثيون الانقلاب على شرعية الدولة والاستيلاء على سدة الحكم.
إنها القبائل اليمنية التي تكتلت في وجه الحوثيين الذين حاولوا استدراجهم إلى توقيع وثائق، كي تكون وسيلة إلى اكتساب شرعية وجودهم ككيان رسمي حصل على توكيل الشعب، ومن هذه الوثيقة، ما أطلق عليها الحوثيون «وثيقة الشرف»، والتي سعت جماعة الحوثي إلى توقيعها من قبل مشايخ القبائل كي يلتزموا بالوقوف إلى صفهم، إلا أن هذه الوثيقة قوبلت بالرفض التام وأكد شيوخ القبائل وقوفهم إلى جانب الشرعية المتمثلة في الرئيس المعترف به دولياً عبد ربه منصور هادي، حيث أصدر «التكتل الوطني لقبائل اليمن» بياناً أعرب عن رفضه للوثيقة وتبرئه من كل من يوقع عليها حيث قال البيان: «نحيي صمود الشعب اليمني بكل قواه في وجه آلة الموت والدمار التي تديرها القوى الانقلابية الظلامية وميليشياتهم، وها نحن نشهد اليوم بعض أعمالهم القذرة وسعياً منهم إلى تعويض هزائمهم المتلاحقة وقرب تخليص شعبنا من شرورهم وآثامهم بما سمي «وثيقة الشرف القبلي»، وقبائل اليمن منها براء، ولا تمثلهم ولا تشرفهم، بل أنهم يرونها وثيقة للعار، في تعد صارخ على أعراف وأسلاف القبيلة، والتي لم تكن يوماً إلا رافداً للثورة والوحدة الجمهورية».
هكذا يعبر الشعب اليمني عن ولائه للشرعية، وذلك عندما يرفض مباشرة أي وثائق يقدمها الحوثيون لكسب المؤيدين، أو محاولة إيجاد وسيلة لغسل عارهم، حتى يطفوا مرة أخرى على سطح الساحة السياسية، ليضمنوا لهم نصيب وافر في السلطة، وذلك بعدما تيقنوا انهزامهم ونهايتهم التي باتت قريبة، وهو ما يفعله الانقلابيون الذين قادوا المؤامرة الانقلابية في البحرين، وذلك بعدما شعروا أن لا أمل أن يصلوا إلى سدة الحكم في البحرين.
تواصل القبائل اليمنية بيانها الصادر بشأن ما يسمى «وثيقة الشرف»، حيث ذكرت أنه «لكل ذلك وقف كبار شيوخ اليمن أمام هذا العيب الأسود من زمرة لا هم لهم سوى مصالحهم، وهذه أوهام في أذهانهم قد عرفها شعبنا، فخرج في كل المحافظات ليعبر عن رفضه لمشروعهم الانقلابي، وخروجهم على الثوابت الوطنية، من الانقلاب المشؤوم»، وهو نفسه الموقف الذي اتخذه الشعب البحريني حين عبر عن رفضه للمشروع الانقلابي وخروجه من جميع المناطق مدناً وقرى ليعبر عن هذا الرفض ليس ببيان بل بصوت وصوره، شاهدها العالم بأجمعه من خلال الكاميرات التي صورت مبنى مسجد الفاتح لتسجل الوقفة التاريخية لهذا الشعب النبيل الأصل الذي لن يتنازل أو يخضع أمام أي مؤامرة انقلابية مهما كان حجمها، وهذا هو الشيء الذي يجب أن يعلمه الانقلابيون والمنافقون، بأن الشعب البحريني لن يختلف عن الشعب اليمني في دفاعه عن أرضه وعن حكامه، الحكام الأصليين لهذا البلد، الذين أسسوا دولة وبنوا حضارة.
بارك الله في قبائل اليمن الأشراف، الذين ضربوا مثالاً في الصمود في وجه ثلة انقلابية تسعى لتقويض الأمة الإسلامية، بضربها في قعر عروبتها أرض اليمن، وبارك الله في شعب البحرين الذي صمد وسيصمد بإذن الله في وجه الانقلابيين الذين تمنيهم أوهامهم أن يكونوا يوماً أسياداً في أرض العرب.