الأمور طيبة، والجو رائع، والسماء صافية، والأمواج هادئة، والشعب البحريني مرتاح، والكل سعيد وفرحان ومتفائل، مادامت تسير الأمور في البلاد على أحسن ما يرام، هذه هي صورة البحرين الجميلة اليوم في عيون شعبها المخلص، إذن البحرين بخير وألف خير، ولا تحتاج إلى حلول أكثر مرونة، ولا آراء ولا مشاورات من تلك النفوس التي لم تحمد يوماً الجميل، الذي قدمته إليها الدولة، من جاه وشأن، وما خصتهم به من اهتمام ورعاية لم يحلموا بها حتى في الأحلام، فكان ردهم على الدولة أكثر من جزاء سنمار.
وإن كانت البحرين تمر بظروف اقتصادية صعبة وقد تواجه عجزاً في الميزانية، ولكن هذه ليست بمشكلة أبداً، مادام شعبها ملتفاً حولها، ثم ليس البحرين وحدها التي تمر بمثل هذه الظروف، فكثير من الدول ومنها الدول الخليجية الغنية تمر بمثلها، ولكن بالتأكيد أن الدولة قادرة على التغلب على هذا العجز، وستتغلب عليه بأذن الله، دون أن تحتاج إلى من قادوا الانقلاب ضدها ليعودوا أقوى مما كانوا عليه، وهذا ما يسعى إليه الذين لاشك في أن رسائل طهران وصلتهم بالاستسلام الكلي، وذلك كي يضمنوا لهم مناصب عليا تؤهلهم للعودة متى قررت إيران. وها هو يخرج علينا ذاك الذي رفع راية ما يسمى «ائتلاف 14 فبراير» الإرهابية تأييداً ودعماً لهم، والذي هدد وتوعد الدولة مراراً وتكراراً، والذي خرج على القنوات الإيرانية ومنها قناة «الكوت»، حيث اتهم -زاعماً في مقابلته- فيها «الجيش البحريني بالقتل والبطش والتنكيل بالمتظاهرين»، ووصفه بأنه «تركيبة همجية»، ودعا الأمم المتحدة «للتدخل». هذا اليوم يدعي فيه بأنه في سفينة وطن واحدة، وقد قال بالأمس: «إن السلطة تعيش مغالطة كبيرة في أصل وجود دولة على أسس حقيقية بالبحرين، والبحرين لم تشهد قيام دولة منذ 200 سنة، وإنما مجرد شكل دولة، وأن مشروع المعارضة قيام دولة الشعب، وأن لديه مشروعه السياسي الكبير بكل تفاصيله لبناء الدولة الحقيقية»، كما هدد من قبل في 2013، قائلاً «فلتعلموا أن المساس بعيسى قاسم وعلي سلمان وقيادات الوفاق يسقط سقفي الملكية الدستورية ووثيقة المنامة لصالح سقوف أعلى لا أدنى»، وواصل تهديداته حيث قال في مقابلة له في صحيفة «السفير» اللبنانية في 2 فبراير 2015 «انفتاح الأبواب أمام العمل السري والمسلح في البحرين، هو ليس خيار الوفاق، إنما خيار السلطة»، ثم يأتي بعدها ليقول لنا «الوطن الغالي».
إن ما حدث في 14 فبراير 2011، ليس كما يصفه المرزوق أنها «مجرد مناكفات سياسية»، إن ما حدث هو مؤامرة انقلابية لاحتلال البحرين، وقد نفذت جميع خيوط المؤامرة الإيرانية بدءاً من احتلال المنامة واحتلال مستشفى السلمانية، واستقالة الوزراء والنواب والشوريين المؤيدين للمؤامرة، والعصيان المدني الذي نفذه موظفون من أتباع الوفاق بمؤسسات حكومية وشركات وطنية، بقيادة النقابة العمالية التي يرأسها عضو جمعية، المؤامرة الانقلابية لم تتوقف بل واصل الانقلابيون، وها هي مطالباتهم حتى الأمس في مجلس حقوق الإنسان بجنيف بتدخل الأمم المتحدة.
ولكن لله الحمد، البحرين اليوم صفت أجواؤها، وعادت كما كانت جميلة ورائعة، بعدما تبين أن من قاد المؤامرة الانقلابية هي جماعة موالية لإيران انتهت صلاحيتهم وكشفت وجوههم أمام الدولة والشعب، والشعب مازال كما كان دائماً ملتفاً حول قيادته في الضراء قبل السراء، مثلما التف حول مملكته أثناء المؤامرة الانقلابية، عندما نهض شيوخهم قبل شبابهم وعليلهم قبل معافيهم لإعلان موقفهم وتأييدهم لدولتهم، إنه «الفاتح» الذي فصل بين الحق والباطل، هذا الباطل الذي لن يقوم له رأس أبداً طالما الدولة عرفت عدوها من صديقها، وعلمت أن هذه الدعوة، ما هي ألا دعوة حق يراد بها باطل.