حين تقول إن المملكة العربية السعودية -على سبيل المثال- والتي تنتج أكثر من 10 ملايين برميل يومياً قد تأثر اقتصادها نتيجة هبوط سعر النفط، فهذا كلام منطقي وصائب من شخص فاهم وملم بجميع النواحي. لكن لا يمكن أن تقنعني أن سبب الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البحرين، هو انخفاض سعر إنتاج 205 آلاف برميل نفط يومياً إلى ما دون 36 دولاراً «150 ألفاً حصة البحرين من حقل أبوسعفة البحري و55 ألف برميل من حقل البحرين البري»!! لا أتصور ذلك أبداً، هناك أسباب أخرى، ليس لي أن أعرفها، لكن ما أعرفه أن من بين الأسباب هو الوضع السياسي الصعب والذي نعيشه منذ خمس سنوات، وتسببت فيه «الوفاق»، وساهمت في خلق وضع اقتصادي أصعب!! دعونا نواجه الحقائق ونضع الأمور في نصابها الحقيقي، فاليوم خرجت أصوات محسوبة على «الوفاق»، تنادي وتطالب قياداتها تقديم «مبادرة تنزع فتيل الأزمة للوصول إلى حل يريح البلاد والعباد»، وهناك ومن قلب «الوفاق» من يعلن عن «استعدادهم لتقديم حلول أكثر مرونة تراعي الأوضاع الاقتصادية الصعبة». هذا كلام جميل لكنه يبقى كلاماً إنشائياً، فالناس تحتاج إلى واقع يؤكد هذا الكلام الإنشائي، وما استنتجته من كل ما سمعت أن الوفاقيين أنفسهم تعبوا وبدت تظهر عليهم علامات سن اليأس، وزادت الضغوط عليهم في الآونة الأخيرة من قبل جماهيرهم، التي دفعت ثمن مغامرة سياسية غير محسوبة، كانت سبباً رئيساً في وضع أمني واجتماعي متأزم، خلق أزمة اقتصادية طال تأثيرها كافة شرائح المجتمع وأطيافه، سنياً كان أم شيعياً، وزيراً كان أم غفيراً، غنياً أو فقيراً. كما بدأ «الممولون» لـ«الوفاق» من بعض التجار الشيعة، ينفضون من حولها، بعد أن تيقنوا أن نفس الدولة أطول من نفس «الوفاق». اليوم، يجب على المجنون أن يعود لرشده سريعاً ويعود له عقله بأسرع ما يمكن ويوازن الأمور، ويقدم الدليل على وطنيته، يبادر إلى تقديم تنازلات من أجل المصالحة وطرح حلول منطقية ومقبولة تقنع «الفاتح»، وتبدأ بوقف أعمال العنف والحرق والتخريب والتبرؤ من مرتكبيها، والتي تسببت في أزمة أمنية منذ خمس سنوات، يعاني منها أهل القرى البسطاء، الذين «لا ناقة لهم في السياسة ولا جمل»، واستنفار أمني يضغط على ميزانية الدولة، ولا تخرج علي فتقول لي لا علاقة لك بميليشيات «14 فبراير»، ولا ما يسمى بـ«سرايا الأشتر»، ولا كيف ولا «اشلون» فـ«اللي يحضر العفريت يعرف اشلون يصرفه». الوطن اليوم يمر بمنعطف خطير وأزمة اقتصادية حادة، نعلم جميعاً أن «الوفاق» سبب رئيس فيها، مما يستلزم منكم الوقوف مع الوطن في أزمته كما فعلت المعارضة الكويتية إبان الغزو العراقي للكويت في 1990 حين اصطفت حول القيادة والشعب حتى عبرت الأزمة، فإذا كنتم حقاً حريصين على اقتصاد البلاد واستقرارها وأمنها، فأظهروا أصل معدنكم الحقيقي في هذا الوقت الذي تعيشه البحرين. أما إذا كانت لديكم اعتبارات خفية وأجندات خارجية، فقولوها لنا لأننا زهقنا من اللف والدوران والمراوغة، لا تطلبوا منا أن نصدق أقوالكم فيما أفعالكم كل يوم تكذب أقوالكم، لا تحرموا أنفسكم من فرصة التكفير عن ذنوبكم، افعلوها وأثبتوا أنكم بحرينيون.. افعلوها ودعونا نلملم أشلاء الوطن والنسيج الاجتماعي الذي تبعثر هنا وهناك نتيجة أخطائكم. أنا لا أتحدث باسم أحد، أنا أتحدث عن نفسي فقط، وما أعرفه أن أمي البحرين في أزمة، ومستعد، والله العظيم، أن أمنحها روحي ودمي وحريتي، فليست أغلى من الذين استشهدوا أو جرحوا من شهداء الواجب.