لم يتوقف المخطط الإيراني عند احتلال الأحواز والعراق وسرقة نفطهما، بل المخطط الأهم بالنسبة لإيران اليوم بعد أن استتبت أمورها، هو توسعة نفوذها في الخليج عبر التغلغل داخل شركات النفط الخليجية، بحيث تكون تحت يد عملائها، وذلك من أهم الركائز، حيث سعت منذ عقود طويلة أن تدفع عملاءها للعمل بهذه الشركات، وبذلك تضمن إيران ضرب اقتصاد هذه الدول في أي ساعة، بدءاً من توقف عمليات الشركة، مروراً بالعصيان المدني، أو بتخريب نظام التشغيل، أو حرق المصانع، وقد تكون العملية بالنسبة لها أكبر من ذلك بتنفيذ هجوم حربي على آبار النفط. فإيران لم تتوقف يوماً عن التهديد بحرق آبار النفط في دول الخليج، ولديها عملاء في هذه الشركات بدءاً من البوابة، حتى آبار النفط، كما لديها سجلات الصادر والوارد فيها، وربما يكون لديها إشارة مرور للبريد الإلكتروني لمراسلات الشركات، تستطيع الاطلاع عليها من طهران.
إيران ليس لديها قلق على شركة بترولها الرئيسة في الأحواز، فهي تحت يد أبنائها بالكامل، حيث تحتوي على أكثر من 89% من النفط، و100% من الغاز الذي يعتمد عليه الاقتصاد الإيراني، وبالرغم من أن العرب يشكلون 95% من تعداد سكانها، إلا أنها أمنت شركة النفط فيها، حتى أصبحت نسبة الموظفين الأحوازيين فيها لا تتجاوز 5%، بينما 95% من الموظفين من الفرس، حيث قامت باستقدامهم للعمل في الشركة وتشجيعهم بتقديم كل مقومات حياة الرفاهية، وذلك لضمان أمن الشركة أن تكون تحت أيدي الفرس بالكامل، وإبعاد العرب الذين وجودهم يهدد أمن إيران الاقتصادي الذي يعتمد كلياً على النفط الأحوازي. وإذا ما تم مقارنة نسبة الأحوازيين والفرس في الشركة، فهي عكس النسبة في بعض الشركات الخليجية، التي غفلت عن سبب سعي عملاء إيران للسيطرة على الشركات الحيوية ومنها الشركات النفطية، وتجاهلت أمن الشركات الذي قد لا يكون إلا بوجود أبنائها المخلصين الذين سوف يهجرون منازلهم وعوائلهم للسهر على سلامة وأمن الشركات في حالة الطوارئ، مثل المؤامرات الانقلابية، التي وجدنا فيها كيف دفع المخلصون بأنفسهم وضحوا بحياتهم حين أنقذوا شركاتهم الوطنية من كوارث كادت أن تقع لولا ستر الله ثم جهود المخلصين من أبنائها.
ولكن من يقلق هو من قد يكون أمن وسلامة شركته النفطية وتوابعها وآبارها رهينة فتوى من خامنئي، وبالتالي لا تتعطل شركة في دولة واحدة، بل معظم الدول الخليجية -التي الله أعلم بحالها-، خاصة عندما نرى أن من يسيطر على الشركات النفطية، وغيرها من الشركات الحيوية هم من العرق الفارسي.
ومثال آخر على الاختراق لبعض شركات النفط في الدول الخليجية، شركة «أرامكو» السعودية التي تم اختراق شبكتها الإلكترونية في أغسطس 2012، والتي كان هدفها وقف تدفق النفط والغاز إلى الأسواق المحلية والعالمية، حيث صرح عبدالله السعدان رئيس لجنة التحقيق المكلفة بالنظر في الهجوم الإلكتروني بأن الهجوم لم يستهدف «أرامكو» ككيان فقط بل استهدف اقتصاد البلد بأكمله، وحسب التقارير أنه تم تحويل عدد من الموظفين المشتبه بضلوعهم في عملية الاختراق إلى التحقيق، لأن الدلائل تشير إلى أن الاختراق ليس فقط من الخارج بل من الداخل.
إنه السعي الإيراني الذي ستسرع حكومة طهران من وتيرته في مد نفوذها والذي تعتمد في تنفيذه على عملائها وذلك حينما يتمكنون من هذه الشركات والسيطرة عليها بالكامل، حتى يصلوا بها إلى الانهيار والكساد بشتى الوسائل والطرق، حتى تصبح إدارة هذه الشركات وتشغيلها عبئاً على ميزانية الدول ما يؤدي إلى تدهور اقتصادها إلى أدنى المستويات، فتضعف الدول وتصل إلى حافة الإفلاس حتى تصبح صيداً سهلاً لعملاء إيران، الذين سيسلبونها ما تبقى.