نبدأ مع قصة عبارة «أرضنا وأرض أجدادنا» التي أصبحت تتداولها القوات الغازية والمحتلة للأراضي العربية، ومنها إسرائيل وإيران، وجماعات أخرى في الدول الخليجية، تحاكيهما وتطبق سياستهما الاستيطانية بقصد تغيير التاريخ وهوية الدول لصالح الدول الاحتلالية نفسها، ومنهم الانقلابيون في البحرين الذين قادوا المؤامرة الانقلابية في المملكة. وبدايتنا مع كلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطابه أمام الكونغرس الأمريكي في 24 مايو 2011، ورفضه إعطاء الفلسطينيين دولة في حدود العام 1967 بقوله: «نحن لسنا محتلين، نعيش على أرضنا وأرض أجدادنا، وليس كالبريطانيين حين كانوا في الهند»، وهي العبارة التي كان يرددها كذلك رؤساء الوزراء الإسرائيليون من قبله، الجملة ليست مجرد نص في الخطاب، بل مارسها العدو الصهيوني من خلال عمليات قتل وإبادة، وهدم منازل وإجلاء للفلسطينيين، واستبدالهم بمستوطنين يهود جاءت بهم الحكومات الإسرائيلية من حول العالم، لتغيير هوية المسجد الأقصى ليناسب زعمهم وادعاءاتهم أن «فلسطين أرضهم وأرض أجدادهم». «أرضنا وأرض أجدادنا»، هي نفس العبارة التي رددها اليوم وبكل وقاحة وصلف الفارسي القبيح، قائد الجيش الإيراني عطا الله صالحي بقوله «ليس من حق العراق منع الإيرانيين، لأنه بالأساس أرض أجدادنا سابقاً، ونحن أحق فيه لذا يتوجب على العراقيين معرفة هذا الحق وتجنب استفزاز الأمة الإيرانية»، وقد اعتمدت هذه العبارة ليس على الإبادة فحسب، بل على العبث بهوية العراق السنية، من هدم مساجد أهل السنة، وتغيير المناهج الدراسية، وبالتالي في دولة محتلة مثل العراق يتم تبديل التاريخ العربي وتحريفه، وفي نفس الوقت يحاول أتباع إيران في الخليج ممارسة نفس الدور لتغيير الهوية عن طريق ممارسة ضغوط على الدول، حتى تدرس مفاهيم خاصة بهم تتطور مع الوقت إلى ثوابت تبدل فيها الهوية تدريجياً، ومع مرور السنين تختلط المفاهيم على الأجيال، وتصبح غير قابلة للجدل، إنها الجزء الأساسي الذي ترتكز عليه عبارة «أرضنا وأرض أجدادنا»، حتى تجتمع الإبادة وتحريف التاريخ، وتغيير الشواهد من آثار ومبان ودور، ما يعكس هوية المستعمر والمستوطن. إذن، هكذا يتم تبديل وتغيير التاريخ، وذلك عندما تترسخ في أذهان أتباعهم وأجيالهم الحاضرة والقادمة أن ما يمارسونه من إرهاب هو «دفاع مقدس عن أرضهم وأرض أجدادهم»، حتى ينفوا عن أنفسهم صفة المحتل، وهو ما أكده نتنياهو في نفس النص بأنهم «ليسوا كالبريطانيين في الهند»، واليوم يؤكده قائد الجيش الإيراني صالحي، وكذلك يفعل الانقلابيون في البحرين، عندما يبررون إرهابهم ومطالبتهم بالحكم بأن «البحرين أرضهم وأرض أجدادهم وهم شعبها الأصلي»، حيث كانوا يحرصون على تأكيد ذلك في كل خطاباتهم، ومنهم من أصوله إيرانية ومكتسب جنسية، يرددون نفس العبارة دون حياء، وبالطبع هم لا يعرفون للحياء طريقاً. «أرضنا وأرض أجدادنا» راية رفعها الغزاة في فلسطين وفي إيران، ويرفعها أتباع إيران في دول الخليج، هذه العبارة وخلال تداولها حتى تاريخه، قام الإيرانيون بإبادة أكثر من 4 ملايين عراقي منذ احتلالهم العراق في 2003، غير أعداد اللاجئين والمشردين والمعتقلين التي تقدر بالملايين، إنها السياسة الاستيطانية التي تعتمد ليس على التعايش، بل على إبادة الجنس البشري في كل أرض يحتلونها، وكذلك هم أتباعهم يطبقون نفس السياسة، التي تبدأ بالمؤامرات الانقلابية التي تعتمد في بدايتها على تعزيز وجودهم كشعوب أصلية في دولهم، وذلك عن طريق التغلغل في المدن والقرى بشراء العقارات وبمطالبة الحكومة بإنشاء المشروعات الإسكانية الخاصة لهم ورفضهم مشاركة الشعب الأصلي في مناطقهم، وإصرارهم على الحصول على مشروعات سكنية في مناطق سنية خالصة، واختيارهم أفضل المناطق بالأخص التي تكون على الشوارع الرئيسة حتى يتولد عند الجميع من مواطنين ومن زائرين أنهم «السكان الأصليون لهذه البلاد، وأن ما يقومون به من أعمال إرهاب أو مطالبة بالحكم هو من صميم حقوقهم». إذن عبارة «أرضنا وأرض أجدادنا» هي سياسة استعمارية استيطانية توسعية شيطانية مشتركة بين إسرائيل وإيران، وأتباع الأخيرة في دول الخليج، الذين يسعون إلى تعبيد الطريق لاستيطان الدول الخليجية بنفس المبدأ الذي قامت عليه إسرائيل في فلسطين، وقامت عليه إيران في العراق.