ذات يوم أخبرني أحد الإخوة أن هناك مسؤولاً يبحث لابنه عن وظيفة، وأنه تعب وهو يحاول أن يجد له شاغراً، سواء في القطاع العام، أو القطاع الخاص، ولا أعلم ما هو تخصص الابن، لكن هذا يعطي صورة باتجاه معين، وهذا يعني أن المسؤول لا يستطيع أن يجد وظيفة لابنه رغم خارطة معارفه الكبيرة، فكيف بالمواطن الذي لا يملك علاقات قوية؟
تلوح لي فكرة سوف أتطرق إليها بشكل أكبر في القادم من الأيام بإذن الله، وهي إذا كانت الدولة قد ربطت الحزام باتجاه التقشف على خلفية انخفاض أسعار النفط، ألا يعني هذا أن هناك تحدياً آخر سوف يبرز أمام الدولة وهو تحدي إيجاد وظائف للخريجين الذين يزيد عددهم في كل عام ومن مجموعة جامعات داخلية وخارجية، وبعض الجمعيات السياسية تريد أن تكدسهم في وزارة التربية أو اختراق وزارة الداخلية لأسباب سياسية وأهداف بعيدة، بينما يتم استهداف وزارة الصحة لذات الأسباب!
إذا كانت الدولة دخلت في إجراءات التقشف، ألا يعني هذا أن هناك مشكلة اخرى ستظهر وهي مشكلة الوظائف، والخريجين، بينما مازال القطاع الخاص يعاني من مشكلات عدة، كما أننا نفتقد المشاريع الصناعية الكبيرة التي بالإمكان أن تحد من مشكلة البطالة.
كل ذلك يعني أن هناك مشكلة توظيف قد تطفو على السطح حتى مع ما يصرح به وزير العمل من أن بنك الوظائف يتوفر فيه عدد كبير من الوظائف، إلا أن السؤال هنا ما هي هذه الوظائف؟
هذا الأمر لا ينبغي أن يغيب عن التوجهات المستقبلية للدولة، وأخشى أننا نضع لأنفسنا ألغاماً في طريق المستقبل باسم التقشف، وربط الأحزمة.
العالم يدخل مرحلة من الابتكار، ومن الأفكار الخلاقة التي تأتي بالجديد، والمتميز، والذي لم يعمل به الآخرون، ورغم أن الاكتشافات والأفكار وصلت إلى كل شيء، إلا أن مازال هناك متسع كبير لأفكار جديدة وخلاقة، تنهض بالفرد، وتنهض بالمجتمعات، لذلك قام الشيخ محمد بن راشد حاكم دبي بإطلاق مشروع للأفكار الخلاقة والمبتكرة، فهذا الأمر هو دليل حيوية وتجدد وصعود المجتمعات.
عرفت مؤخراً أن الذي ابتكر فكرة أن تبقى علبة «الكاتشب» مقلوبة وتفتح من الأسفل، هذا الشاب حصل على 3.5 مليون دولار لأنه اخترع هذه الفكرة، فكرة بسيطة بالإمكان أن يفكر بها أي إنسان منا، لكن هناك من ترجمها وقدمها للجهة الصحيحة، وأصبح ممن يملك الملايين وهو لم يفعل غير أنه فكر بابتكار جديد لشركة تبحث عن الربح.
في ظل تطور وصعود المجتمعات من خلال الأفكار الجديدة، وتبني مشاريع الشباب الخلاق، وإعطاء الشباب فرصة ودعماً حتى يجد البيئة الصحيحة التي تساعده على الابتكار، فإنك تجد مجتمعات تتقدم وتنهض وتتقدم، وتسابق الزمن، بينما هناك من بقي في مكانه، وربما تقهقر نتيجة عدم وجود رقابة حقيقية ومحاسبة للمسؤولين، وعدم تبني الأفكار الخلاقة التي تجعل أي بلد يصعد ويتقدم.
مع تقدم دول حولنا، ودول آسيوية «ولا أريد أن أذكر الدول الأوروبية» فإننا نتفاجأ أننا في بعض الأماكن وفي بعض المؤسسات تستشري ظاهرة الرشاوى، وتصبح هي الطريقة الصحيحة حتى تنهي أعمالك بسرعة، فالوقت يكلف أي صاحب عمل سواء كان مواطناً أو مستثمراً.
للأسف دخلنا دوامة مظلمة من حالة استشراء الرشوة، حتى أصبح المواطن الشريف الذي لا يريد أن يدفع رشوة خوفاً من الله، أصبح هذا المواطن في حالة تعطل أعماله التي قد تستمر لسنوات دون مبالغة.
بالأمس التقيت صدفة شخص يعمل في السوق وفي أحد القطاعات، وقال لي بالحرف الواحد، «إذا أردنا أن نخلص معاملة ندفع للموظفين، وإلا فإن معاملتي سوف تبني العنكبوت عليها بيتها، وأنا أعمل في قطاع اقتناص الفرص، وإذا لم أدفع قد تذهب عني الفرص، وأصبح عاطلاً بعد فترة»، ويضيف: «أنا لا أريد أن أدفع، لو كان هناك نظام بالبلد، لكن أصبح هذا هو الطريق لإنهاء معاناتنا في بعض الأماكن».
على الجانب الآخر أطلق الشيخ عبد الرحمن بن علي مدير التسجيل العقاري صرخة عبر الصحافة وقال إن بعض المعاملات تتعطل في وزارة البلديات لأكثر من عام كامل..!
عام كامل لإنهاء معاملة، بينما يتحدث جيراننا بلغة إنهاء المعاملات في دقائق، بل أصبح التحدي هو إنهاء المعاملة في أقل من دقيقة، انظروا إلى أين وصلنا، ونحن لا نحاسب المسؤولين المتسببين في هذه الكوارث التي تعطل مصالح الناس وتعطل مصالح المستثمر، هذا الأمر لا يجب السكوت عليه، وأن يوضع وقت زمني لإنها كل معاملة، وإن كان هناك مسؤول متسبب في هذا الأمر فيجب إزاحته، ووضع الرجل المناسب في هذا المكان.
أصبحنا في أزمة انتقاد مسؤولين لأماكن أخرى داخل الدولة، وهذا مؤشر محبط جداً، وهذا يؤكد ما كنت أطرحه هنا منذ فترة طويلة، من أن الخلل كبير في وزارة البلديات، وقد قلت هذا الأمر مباشرة لمسؤول كبير حين اجتمع معنا قبل فترة.
انظروا إلى الفارق الزمني الشاسع، بين من يطلق موقعاً لاستقبال الأفكار الخلاقة الجديدة لتطوير العمل وإيجاد فرص عمل جديدة، ولتطوير وطنه، وبين من أصبح أمامه مشهد الرشاوى، ومشهد تقاذف المسؤولين للاتهامات للجهات الأخرى التي تعطل العمل، وكأن الوزارة الأخرى في دولة غير دولتنا.
لا أعرف ماذا ستفعل الدولة لمحاربة الرشاوى؟ وكنت أقول ذلك لأحد الإخوة إننا نحتاج إلى محاربة الرشاوى، لكنه نظر إلي نظرة ازدراء وقال كلاماً لا يكتب هنا مع عميق الأسف «.....»..!!
** كل المحبة إلى قادة وشعب الإمارات
في اليوم الوطني لدولة الإمارات العربية الشقيقة نقدم خالص المحبة والتهنئة إلى قادة الإمارات وحكامها أبناء زايد حكيم العرب رحمة الله عليه.
أهل البحرين يكبرون دائماً مواقف حكام وشعب الإمارات مع البحرين، وهذا لن ننساه أبداً، كما أننا نتمنى الأمن والأمان والتقدم والرخاء للإمارات الحبيبة.
وأتقدم إلى سفير دولة الإمارات الحبيبة بالبحرين الأخ الفاضل عبد الرضا عبد الله الخوري بالتهنئة الخالصة له بهذه المناسبة العزيزة علينا جميعاً، فنحن والإمارات الحبيبة في خندق واحد.