في الوقت الذي تسعى فيه الدول الخليجية إلى تعزيز اقتصادها، لا بأفكار من هنا وهناك، ولا تجارب وآراء، بل بعمل جاد دؤوب تسعى فيه الدول بين الشرق والغرب، لطرق أبواب شركات الاستثمارات الكبرى، لاتزال عملية دعم الاقتصاد في البحرين تعتمد على أفكار تجريبية وحلول ترقيعية، لم تأت ثمارها ولن تأتي أبداً ثمارها، مادام تعويل الدولة على مشروعات مؤسسة «.....» تدعم نشاطات وفعاليات ومحلات وبقالات.
وقبل أن نستعرض تجارب الدول الخليجية في دعم اقتصادهم، لابد أن نتذكر دائماً أن ضرب الاقتصاد هو أكبر عامل نجاح يعتمد عليه الانقلابيون، وها هو جزء من الخطة الخمسينية الخمينية التي تقول «ستكون هناك مخططات لضرب الاقتصاد في الدول المجاورة، ولاشك في أن أصحاب رؤوس الأموال وفي سبيل الربح، سوف يرسلون جميع أرصدتهم إلى بلدنا، وعندما نجعل الآخرين أحراراً في جميع الأعمال التجارية والأرصدة البنكية في بلادنا فإن بلادهم سوف ترحب بمواطنينا وتمنحهم التسهيلات الاقتصادية للاستثمار، والتجار فيها على وشك الإفلاس والفرار، والناس مضطربون ومستعدون لبيع ممتلكاتهم بنصف قيمتها، وفي وسط هذه المعمعة فإن عملاءنا ومهاجرينا سيشترون هذه الممتلكات».
هذا المخطط الخميني نراه في بعض الدول الخليجية قد أخذ أشكالاً متعددة في ضرب الاقتصاد، ومن هذه الأشكال أن هناك بعض عملاء إيران من استغلوا مناصبهم في الدولة، وجاؤوا بأفكار وضعوها كخطط لإنقاذ الاقتصاد، وحل مشكلة البطالة التي تواجهها الدول، وحالة عدم الاستقرار الأمني التي يقوم بها عملاء إيران، وذلك حتى يتمكن المقربون من التقرب من تلك الدول، وأن يظهروا بصفة المنقذ، ومنها كانت نتيجة الأخذ بهذه الأفكار وتطبيقها فكانت بداية تدهور الاقتصاد بسبب العقبات التي أدت إلى عزوف كبار المستثمرين، إذ إن الاقتصاد لا يعتمد على محلات في أحياء، ولا حتى مصانع إذا كان أصحابها لا يملكون رأس المال، فقط كل صاحب مشروع لديه فكرة يتقدم بها إلى مؤسسة تموله، وهذه من أكبر الأخطاء، وذلك عندما يضر مثل هذا الدعم بالمستثمرين الذين اعتمدوا على أنفسهم في إنشاء شركاتهم، وهذا ما يحصل في بعض الدول الخليجية، ومنها دول كانت الرائدة والأولى في الاقتصاد، عندما اعتمدت على اقتصادها في فتح المجال لشركات استثمارات كبرى أجنبية وخليجية ومحلية، كما قامت بتعزيز اقتصاد قوي بتأسيس شركة طيران، ومصفاة نفط، ومصانع تورد إنتاجها حول العالم.
ونضرب هنا مثالاً؛ كيف بإمارة مثل إمارة الشارقة استطاعت أن تحتل مراكز متقدمة في دعم الاستثمار وتشجيعه؟ حيث صرح المدير التنفيذي لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير مروان بن جاسم السركال، لوكالة الأنباء الألمانية، على هامش الملتقى الاقتصادي العربي الألماني الذين نظمته غرفة التجارة والصناعة الألمانية، أن «الهيئة ستطرح عدداً من المشروعات على المستثمرين من القطاع الخاص، إضافة إلى الترويج للفرص الاستثمارية في قطاعات السياحة والنقل والصحة والبيئة بهدف خلق مقاصد سياحية وترفية لجذب السياحة العائلية من مختلف أنحاء العالم». جهود الإمارة لم تتوقف عند هذا الحد، بل ها هو رئيس غرفة تجارة وصناعة الشارقة عبدالله العويس يلتقي مع سيرغي كرجانوفسكي نائب رئيس الوزراء ووزير الصناعة بمقاطعة استراخان لجمهورية روسيا الاتحادية، حيث اتفقا على التعاون الاقتصادي في مجالات الصناعة والزراعة والثروة السمكية وقطاع الخدمات. في الوقت ذاته، هناك المنتدى الاقتصادي الإماراتي الهندي الذي أقيم في دبي بين كبار الشخصيات والمسؤولين الحكوميين وقادة الأعمال بالإضافة إلى متحدثين مرموقين، لمناقشة الاستراتيجيات وأبرز الحلول للتحديات التي تواجه الاقتصاد، وإمكانية التبادل التجاري بين البلدين، وتشمل هذه الشركات مجموعة «إن إم سي»، وبنك «إس بي آي»، ومجموعة «إفكون»، ومجموع «ريموند»، وشركة «بارجيل جيوجيب»، حيث استقطب هذا الحدث 200 مندوب وممثل غالبيتهم من السياسيين ورجال الأعمال من الإمارات والهند، لمناقشة التسهيلات التي سيقدمها البلدان للاستثمار في مجالات الطاقة بنوعيها «التقليدية والمتجددة»، والبنية والخدمات المالية والسياحة الطبية والصحية.
هذه هي المشروعات الاقتصادية الكبرى لدعم الاقتصاد، لا طرح حلول وأفكار وآراء ورفع رسوم على المستثمرين وضرائب على العمالة الأجنبية، وإرهاق المستثمر بين هذه المؤسسة وتلك لاستخراج الرخص، حتى يفقد الأمل وتصبح أمنيته ابتسامة من موظف «الكونتر»، أو الموظف الذي يعطيه رقماً للانتظار ليجلس على الكرسي الذي يجلس عليه ذاك الشخص المدعوم من تلك المؤسسة لاستخراج تأشيرة «كوافير» لم يدفع من جيبه فيها ديناراً واحداً، بل تتحملها إحدى المؤسسات، حتى كلفة الإعلانات التي تفوق العشرة والعشرين ألف دينار.
إذاً الخطة الخمسينية الخمينية تحاول أن تحط بظلالها في دول خليجية، قد يكون للبحرين نصيب منها، وذلك حين يكون الاقتصاد «ماشي سماري».