إذا كانت نظرة وزارة التجارة إلى المستقبل الاقتصادي للدولة على أنه يمكن أن تتحول الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى شركات كبيرة مدرجة في البورصة مستقبلاً، فنقول على اقتصاد البحرين السلام، وذلك حين يكون علاج الاقتصاد يتطلب حلولاً فورية، لا حلولاً يمكن أن تكون تمنياً وآمالاً، وإذا كانت وزارة التجارة تعول على مشروعات إحدى المؤسسات «...» فها هي السنة العاشرة لها، فهل أدرجت أي من المؤسسات التي دعمتها في البورصة؟ ثم هل تراجع الوزارة نوع المؤسسات الصغيرة والكبيرة التي يتم دعمها؟ ثم هل يمكن إدراج محلات معجنات وخياطة وكوافير في «البورصة»؟ فها هي عشرات الملايين سنوياً تذهب لهذه النشاطات التي أصابت الاقتصاد بالشلل بسبب تشابه النشاطات التجارية وكثرتها، دون أن يكون لها مراجعة ولا محاسبة مع الأسف. ثم هل يتحمل المستثمرون تدهور الاقتصاد والعجز عن إيجاد الحلول الجذرية؟ وذلك كما تفعل الدول الخليجية الأخرى، وهي إعادة النظر في الرسوم على الكهرباء والبلدية والضرائب ومنها ضريبة العامل التي قصمت ظهر المستثمر، ثم هل من الحكمة أن يضيع المستثمر فرصته في الاستثمار في دول خليجية ترحب به وتقدم له كل التسهيلات، أو أنه يظل في البحرين ينتظر دوره حتى يخلص معاملته؟ ويا ليت بعد الانتظار الطويل يقابل وجوهاً سمحة، بل يقابل وجوهاً آلية تتعامل معه وكأنه متسول وليس مستثمراً، فهذه هي المعاملة التي يواجهها المستثمر في البحرين. ثم ما هي التسهيلات التي تقدمها وزارة التجارة والمؤسسات ذات العلاقة للمستثمر البحريني والخليجي والأجنبي؟ وما هي الحلول التي قدمتها مؤسسات الدولة المعنية لإنعاش الاقتصاد؟ وذلك بعد إحدى التجارب التي لم يجن منها المستثمرون إلا مضاعفة الضرائب والعقوبات، ثم هل سألت الوزارة عن أسماء مؤسسات وشركات كبرى كنا نشاهد إعلاناتهم في مشروعات وزارة الإشغال، أين هي الآن؟ ولماذا اختفت؟ وهل سألت وزارة التجارة عن المستثمرين الذين أصبحوا زبائن في دهاليز المحاكم بسبب عدم قدرتهم على دفع ضريبة العامل التي صارت عبئاً عليهم؟ ثم لماذا تربط وزارة التجارة بين اختيار المستثمر بنقل أمواله خارج البحرين وبين وطنيته؟ أو أن الوزارة تخلط الأوراق عندما لا تجد جواباً ولا تقدم حلاً؟ ثم متى صارت التجارة لها علاقة بالوطنية، فهل التاجر المتضرر أو التاجر الذي يبحث عن الرزق هل رفع قضيته إلى مجلس حقوق الإنسان بجنيف؟ أو طالب بتدخل أممي لإنقاذ تجارته؟ أو قطع شارعاً أو فجر نقطة تفتيش؟ ثم لماذا لا تتحمل وزارة التجارة مسؤولية إنعاش الاقتصاد، بمراجعة سياسات الهيئات والمؤسسات الحكومية وما إذا كانت قوانينها وقيودها سبباً في عزوف المستثمر؟ فها هي قوانين سنتها هيئة سوق العمل منذ 2006، فهل تمت مراجعتها وما هي آثارها على الاقتصاد؟ أين هي الدراسات المشتركة بين هيئة سوق العمل ووزارة التجارة، وأين تقييم أداء المؤسسات التابعة لهم؟ وأين هي التوصيات والحلول التي تم التقدم بها للدولة؟ أو أن الأمور بخير وكل شيء على ما يرام، وأن قوانين هيئة سوق العمل جذبت الشركات الخليجية والأجنبية وشجعت على عودة المستثمر البحريني إلى وطنه؟ الحاصل وما يحصل أن الرؤية الاقتصادية لوزارة التجارة هي التعويل على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على أمل أن تدرج في سنة من السنوات القادمة في البورصة، وهذا أمر لا يمكن تخيله عندما يعلم الجميع أن التجارة والاستثمار والدفع بالاقتصاد لا تكون إلا من خلال تقديم التسهيلات للشركات الكبرى، وجذب الاستثمارات الأجنبية عندما تلغى الضرائب، وتخلص السوق من المؤسسات الصغيرة التي تواصل وجودها في السوق للحصول على الدعم الاقتصادي والمجزي والمغري الذي تقدمه إحدى المؤسسات. أما تعليل وزارة التجارة أن هناك شركات ناجحة ورائدة في البحرين، فهذه الشركات بالتأكيد ليس لها منافس وقد تكون شركة استيراد سيارات لشركات معينة يكون فيها الوكيل واحداً في البحرين، أو شركات مشابهة وإن اختلف النشاط، ولكن المشروعات الاقتصادية التي تحتاج إلى أيدٍ عاملة أجنبية، فهي الشركات التي تتأثر بالضرائب، وهي الشركات التي تحد من نجاحها القوانين والصعوبات التي تواجهها في المؤسسات ذات العلاقة.