«اسمحوا لي اسولف وياكم اليوم بالعامي، تعبنا من الكدر والسياسة والهم، خلونا نكتب براحتنا وبكلامنا البحريني».
قد يكون هذا شيئاً من الهم اللي يضحك ويبكي في آن واحد، هو أن تجد متناقضات وغرائب لا تعرف معها ماذا تقول سوى أنه تتشكل على وجهك ملامح الدهشة، وأحياناً نصبح معها من غير ملامح أصلاً.
مع كثير من الأخبار التي ترفع الضغط، في زمن تندر فيه الأخبار الجميلة، وتكثر فيه الأخبار المغثة والنكد، أصبحنا في وقت الكل يفكر كيف يضاعف ربحه، وأمواله، ولا يهم المبدأ، او القيم او الدين، كل ذلك أصبح من الأساطير عند البعض «إلا من رحم ربي»، لا أحد يهتم بمشاكل الآخرين، أو الوطن، المهم هي أمور أخرى تماماً.
بالأمس قرأت خبراً غريباً، وهو تخفيض سنوات الحبس لموظف اختلس 3 دنانير ويعمل في أحد المراكز الصحية من خمس سنوات إلى سنتين..!
الخبر ليس الأول من نوعه، فقد ذكرني بخبر سارق ثلاث كنارات، وصاحب المزرعة أمسك الآسيوي سارق الكنار وأخذه إلى الشرطة.
اعتبر أن تخفيض القاضي المحترم لحكم سارق الثلاثة دنانير أمر طيب، لكن كان بودي أن أقابل سارق الثلاثة دنانير، لأقول له: «يا أخوي لي بقت بوق جمل، تسوى عليك المرمطة على ثلاثة دنانير؟.. شوف غيرك شنو يبوك، وشنو ياخذ، أنت الله يهداك تبوق 3 دنانير، حتى بنزين السيارة أكثر منه.. الله يهداك بس، يبيلنا ندخلك دورة متقدمة، في الطرق والأساليب، حالك بصراحة لا يسر، ثلاثة دنانير عاد، كيلو الصافي بـ3.5 دينار، ما أعرف شاقول لك، بس بصراحة لو بيدي دفعت عنك الثلاثة دنانير عشان يطلعونك، أنت وسارق لكنار».
** «2» **
يعني اللي يبوق في بعض الأماكن بآلاف الدنانير، واللي نشوفه في تقرير الرقابة المالية كله ما عليه عقوبات، وساعات عن العين والنفس توصل قضية وحدة للنيابة، ومحد يوقف المهازل رغم التقشف، وبعدين تحبسون موظف على ثلاثة دنانير.
لكن تبي الصراحة يا موظف، أنت بعد تستاهل، ترى العقوبة عشان مرة ثانية تبوق شي يستاهل، أنت كلفت الدولة من مركز شرطة ونيابة ومحكمة ووجبات ومبالغ كثيرة، وآخرتها بايق 3 دنانير، أفا بس أفا..!!
** «3» **
ناس تقتل رجال الأمن، وتخرب وتفجر وتدمر البلد، وتستهدف المارة بالشارع بشكل عشوائي، وأحكامها أصبحت تخفض، أو أننا وصلنا لمرحلة يصدر معها في المحكمة الأولية حكم إعدام، فيفرح الناس، وتكتب الصحافة، وفي الاستئناف يخفض إلى المؤبد.
والذي يحرق الطرقات والذي يلقي قنابل الموت على المارة يحكم عليه بأحكام لا تساوي الجرم.. واللي باق ثلاثة دنانير تحكمون عليه بخمس سنوات «في الحكم الابتدائي»..؟
كما يقول الإخوة الشاميون «يا عيب الشوم» ليش كل شيء بالبلد نشوفه بالمقلوب، مادري من الغلط، احنا وإلا اللي قاعد يصير هو الغلط، صرنا نشك في روحنا ونقول من الغلط؟
** «4» **
الله يهداك بس 3 دنانير، أنت ما سمعت عن اللي يضيفون صفر على الأرقام، واللي يضيفون واحد على الأرقام؟
حط يم الثلاثة دنانير أصفار، الصفر رقم ميت، ترى اهو إلا صفر، ما يقدم ولا يؤخر، صفر بس، لكن الصفر يخلي الرقم يصير محترم، وراهي، ولا أحد يحاكمك، يعني شنو بقولون لك ليش حطيت صفر؟
قول لهم إلا صفر، ما يعني شيء، الله يهداك بس تسوى عليك الثلاثة دنانير الحين..؟
** «5» **
كله تقولون البلد ما فيها محاسبة، ولا فيها رقابة، وتتحلطمون وكل واحد يقول ويزيد، المثل أكا هو جدامكم، حتى اللي يبوق ثلاثة دنانير يتحاكم، أي ما في لعبة، ولا عندنا موظفين ياخذون شيء، أبداً.. القانون قانون..!
ولا عندنا وزير يقال إن عليه 18 قضية تكلف خزينة الدولة ذيج الحجاية، ولا عندنا وزير عليه شيكات مرجعة، الأمور طيبة، بس انتوا يا أهل البحرين أحسنوا النية، كله متشائمين وتقولون ما في محاسبة، بو ثلاثة دنانير ما طاف وانحبس، عيل اشلون..!