يبدو أن هناك اتجاهاً دولياً لدى بعض الحكومات الغربية تحديداً لتعقيد الأوضاع في الشرق الأوسط، والسبب الرئيس لذلك وجود رقعة جغرافية مازالت الأكثر استقراراً على مستوى الإقليم، وهي منطقة دول مجلس التعاون الخليجي. منذ فترة ليست بالطويلة، بدأنا نقرأ ونتابع تصريحات المسؤولين الغربيين حول أوضاع الشرق الأوسط المضطرب، ليبدأ البعض بشن حملة ضد دول مجلس التعاون الخليجي ليتهمها بإثارة النعرات الطائفية، وتبني ودعم الإرهاب والتطرف في المنطقة، هكذا بدأت الحملة.
لاحقاً، سرعان ما ظهرت تصريحات من مسؤولين غربيين تطالب بضرورة توجيه ضربات عسكرية لدول مجلس التعاون لدعمها الإرهاب والتطرف، ولضمان وقف ما سمي بـ»الدعم والتمويل الخليجي» للجماعات المتطرفة في الشام والمنطقة! لم تستغرق هذه التحليلات فترة حتى بدأ المحللون الغربيون والإعلام الغربي يضع التصورات والتحليلات بشأن كيفية غزو الخليج، أو كيفية السيطرة عليه، وبعضهم وصل حتى قال «كيفية تأديب دول الخليج». والبعض قدم سيناريوهات اعتبرها دقيقة ترتكز على شن هجمات إرهابية داخل هذه الدول، أو اللجوء إلى توجيه ضربات عسكرية من مناطق بعيدة على غرار ضربات الصواريخ الروسية من بحر قزوين على أهداف في الأراضي السورية. مثل هذا الوضع مريب فعلاً، ولكن من الواضح أن هناك أهدافاً خفية تسعى أطراف معينة لتحقيقها سواءً كانوا الروس أم الأمريكان أو حتى الأوروبيين، لأن الهجمة جماعية ومشتركة ولافتة. دول الخليج العربي لم تعتد على تهديدات من هذا النوع باستثناء التهديدات العراقية السابقة إبان حكم البعث، والتهديدات الإيرانية المستمرة، ومع ذلك فإن الوضع الحالي يدفعنا للتفكير جدياً في خياراتنا المختلفة سواءً كانت عسكرية أو أمنية أم اقتصادية وسياسية.
الأمر يتطلب تفعيلاً أكثر وأسرع للاتفاقات الأمنية والعسكرية الخليجية المشتركة، ومراجعة كافة السيناريوهات، وتحديد الأعداء المحتملين، والحلفاء المتوقعين وغيرها، خاصة وأن دول مجلس التعاون الخليجي تواجه تحديات بسبب انخراطها في حملة عسكرية لاستعادة الشرعية في اليمن وهي حملة عسكرية لن تنتهي قريباً مع اقترابها من نهاية عامها الأول. رغم ذلك، لا توجد خشية خليجية كبيرة في هذا الصدد، لارتباط أمن الخليج وأمن دول المنظومة الخليجية بأمن الطاقة، وبالتالي من يفكر جدياً في تهديد دول المجلس، أو خوض مغامرة عسكرية ضدها، فإنه لن يهدد أمن هذه الدول فحسب، بل أمن دول العالم التي يمكن أن يتوقف عنها النفط الخليجي، ومن يهدد يعرف ماذا يعني ذلك.