لا ألوم مرشحي الرئاسة الأمريكية على تصريحاتهم هذه الأيام فهم في سباق، لكن تصريحاً غريباً يخرج من مرشح تلفزيوني، كتلك التي يصدرها المرشح دونالد ترامب، ليس كتصريح مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، التي عملت بمنصب وزير خارجية أمريكا السابق وتعلم تفاصيل سياسة أمريكا، وآخرها ما أطلقته وكان بخصوص حرب أمريكا على «داعش» والخيانة التي تعرض لها العرب السنة في العراق.
هيلاري كلينتون قالت «السنة تعرضوا للخيانة، ولا يمكن طرد تنظيم الدولة «داعش» دون مشاركة قبائل السنة كما فعلنا مع القاعدة من قبل»، لكن كلينتون لم تخبرنا من خان العرب السنة في العراق، هل خانهم المالكي الذي تسبب في منح الموصل لـ»داعش»؟ أم خانهم إخوانهم السنة الذين ذهبوا للمشاركة الصورية في العملية السياسية المهلهلة التي صنعتها أمريكا وشغلتهم مصالحهم الحزبية والسرقات ولم يدافعوا عن إخوانهم ويحاولوا رفع ظلم الحكومة وميليشياتها عنهم؟ أم خانتهم أمريكا نفسها عندما جندت بعضاً منهم في مشروع الصحوات وبعد أن طردوا القاعدة سنة 2007 من مناطقهم سلمتهم أمريكا بيد المالكي وميليشياته ليصفيهم قتلاً واعتقالاً؟ أم كل أولئك خان العرب السنة؟ ثم رهنت كلينتون نجاح الحرب على «داعش» بإشراك العرب السنة في القتال، وكأن السماح لهم بقتال «داعش» هو الجائزة الكبرى التي تقدمها لهم، لتأتي وتدعو إلى تشكيل صحوات جديدة ومن نوع جديد قادرة على مسك الأرض بعد تحريرها -على حد قولها- فلا ألوم السيدة كلينتون على طريقة تفكيرها وطرحها للحلول، لأنها تستلهم أفكارها من التاريخ الأمريكي الذي اعتمد على تجربة الصحوات أول مرة في حروبه مع الهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين ونجح فيها، وفي العراق كرر التجربة ونجح أيضاً، وتظن هذه المرة بعد أن تركت أمريكا العرب السنة يطبخون على نار حامية أنهم أصبحوا جاهزين الآن للاندفاع بقوة للعمل في مشروع صحوات جديد كل اختلافه عن المشروع السابق أن أفراده سيكونون جنوداً في وزارة الدفاع العراقية، معتبرة أن الحكومة العراقية يجب عليها استيعابهم وجعلهم يشعرون بالانتماء للعراق، وإلا فالمهمة يحب أن تنوط بالتحالف الدولي، لكنها لا تعلم أن العرب السنة يشعرون فعلاً بالانتماء للعراق بل هم على يقين أن الحكومة العراقية التي تطالب كلينتون باستيعابها لهم لا تنتمي للعراق بحال من الأحوال، كما أن هذا النظام الذي جاءت به أمريكا هو أكبر سبب في مأساتهم بعد أمريكا.
الحقيقة أنه لا الصحوات السنية ولا حتى القوات العربية «السنية»، على حد وصف جوزيف دونفورد رئيس الأركان المشتركة في «البنتاغون» والذي يطالبها بمشاركة قوة برية على الأرض، قادرة على دحر «داعش» ما لم تتوافر كل الظروف الأخرى غير العسكرية والتي أهمها الفكر وما يحيط بها، ولعلي سأتحدث عن هذا الموضوع في المقال القادم، فللحديث بقية.