من أين البداية؟ هل نبدأ بملحمة «عاصفة الحزم» التي هز وقع بدئها العالم بأسره، وذلك حين استيقظ على أنباء وأخبار لم تخطر على البال ولم تطرأ في الخاطر، بأنه قد تشن دولة عربية، وليست أي دولة، إنها المملكة العربية السعودية، حرباً -دفاعاً عن الشرعية واستجابة لدعوة الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي- على إيران في أرض اليمن. هل طرأ على بال أحد أن إيران التي طالما تباهت بصواريخها وهددت بأنها ستضرب دول الخليج حين تتحرك ضد تواجدها في الخليج، تقف متفرجة عاجزة أمام ما يحدث في اليمن، دون أن تحرك ساكناً ولا تبعث حتى بكتيبة واحدة، أو تطلق صاروخاً واحداً. إنها الملحمة التي صنعها التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن «عاصفة الحزم» ثم «إعادة الأمل»، بقيادة السعودية لبدء مرحلة القضاء على الفرس، وهي بادرة من بوادر نصر قادم لا محالة إن شاء الله.
هل نتحدث عن شجاعة الجنود وقوة بأس الجيوش الخليجية والعربية المشاركة في «عاصفة الحزم»، و«إعادة الأمل»، والذين غادروا أهلهم تاركين خلفهم وصيتهم لأنهم قد حسموا الأمر مع أنفسهم بأنهم قد لا يعودون من اليمن؟ وفعلاً هذا الحسم قد تحقق والعشرات منهم لم يعودوا من جنود بحرينيين وسعوديين وإماراتيين بواسل، شهداء، مسجلين بدمائهم التي سكبت على أرض اليمن بادرة من بوادر نصر قادم لا محالة، إن شاء الله.
أم نتحدث عن مقاومة شعبية يمنية قادها رجال لا يقل بأسهم ويقينهم وإيمانهم بنصر الله عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ولابد أن نذكر هنا -وإن لم تسمح المساحة- ذلك الرجل، قائد المقاومة الشعبية في تعز حمود المخلافي الذي قال «لا حوار مع الحوثي إلا بالكلاشينكوف». إنها بالفعل إحدى بوادر نصر قادم لا محالة، إن شاء الله.
لم تتوقف بوادر النصر على أرض الجزيرة العربية أو أرض اليمن أو تنحصر في قوة التحالف العربي لمواجهة العدوان الإيراني على الدول العربية، بل كما قرأنا التاريخ بأن النصر في الأمة يأتي من جميع أمصارها وأقطارها. فكما جاء تحرير فلسطين على يد صلاح الدين الأيوبي، وكما امتدت الحضارة الإسلامية أيام الدولة العثمانية حتى وصل امتدادها أوروبا، ها هي بادرة من بوادر النصر، إنها دولة إسلامية، إنها تركيا التي يضرب اليوم المثل على بسالة جنودها، تلوح ببشائر نصر قادم، حين أمضت 7 كتائب من القوات المسلحة التركية 40 يوماً على رؤوس الجبال في ريفي داغليجا، ووصلت درجة الحرارة فيها ليلاً إلى 16 درجة تحت الصفر، وذلك في العمليات التي قاموا بها في مواجهتهم لعناصر إرهابية تابعة لتنظيم حزب العمال الكردستاني «بي كي كي»، وبعد اتصال أحد قادة الجيش التركي اللواء زكاني اكساكالي عبر الهاتف اللاسلكي بالضباط المناوبين على رؤوس الجبال، وقد قال لهم «إنكم تعملون ضمن ظروف صعبة، لذلك سيتم تبديلكم بفرق أخرى كي تتسنى لكم فرصة للراحة»، فجاء الجواب من الضابط في الجهة المقابلة: «لا نريد أن نبرح أماكننا، لم نتعب»، فيأتي صوت الجنود من خلفه سيدي «لن نبرح مواقعنا قبل إنهاء مهمتنا، ووضع العلم التركي على قمم الجبال».
إنها بوادر نصر قادم لا محالة إن شاء الله، نصر قد هلت بشائره من تحالف خليجي عربي كانت بدايته «عاصفة الحزم»، ثم «إعادة الأمل، ومن مقاومة ضرب رجالها مثالاً لقول الله تعالى «من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه»، ومن جبال تركيا حين تجتمع هذه الأمة على أعدائها حتى يأتي الله بالنصر.