قبل أن نجيب على هذا السؤال، لنحدد من نقصد بـ»نحن»، فنحن الدول العربية، ونحن أيضاً تعني حلفاء الغرب في القضاء على «داعش». وبالتالي لا نقصد «نحن» كدول عربية، بل «نحن» حلفاء التحالف الغربي في الشرق الأوسط لمواجهة «داعش».
بالطبع هناك جهود كبيرة تجري يومياً وعلى مدار الساعة من أجل مواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي، وهناك مليارات الدولارات أنفقت من أجل مواجهة هذا التنظيم واجتثاثه، ولكن النتيجة مازالت متواضعة للغاية، بل يمكن لأي مراقب أن يجزم بأن شعار داعش وهو «باقية وتتمدد» في إشارة إلى ما يسمى بـ»تنظيم الدولة الإسلامية» باق وسيتمدد بات حقيقة، وهي حقيقة مرعبة.
بالتأكيد هي حقيقة مرعبة إذا لم يكن التحالف الغربي جاداً في القضاء على «داعش»، وحتى نجيب لنقرأ ما ذكره أحد الطيارين الذين شاركوا في توجيه ضربات عسكرية ضد «داعش» في العراق وسوريا، حيث يقول: «كنا نقوم بتوجيه ضربات جوية على مدار الساعة لأهداف مختلفة يتم تزويدنا بها من قبل القيادة العسكرية، ولكننا أحياناً نرى أسطولاً من سيارات صهاريج النفط تسير كقافلة وترافقها سيارات تحمل أعلام «داعش»، فنطلب الإذن لضرب القافلة، فيأتينا الجواب بأن مهمتنا انتهت. ما واجهته تكرر معي أكثر من مرة، وتكرر أيضاً مع طيارين آخرين من قوات التحالف الأخرى».
إذن النتيجة أن التحالف الدولي لمواجهة «داعش» لا يرغب نهائياً في توجيه ضربات عسكرية ضد المنشآت النفطية للتنظيم الذي يحتل نحو 80% من حقول النفط والغاز السورية، وهو ما ساهم في تكوين ثروة لا بأس بها لدى قيادة التنظيم تقدر بنحو 5 ملايين دولار يومياً، وهو ما يعادل 1.8 مليار دولار سنوياً.
امتاز تنظيم «داعش» بقوته الإعلامية في إنتاج خطاب إعلامي لافت من حيث المحتوى والرسائل، ومن حيث شبكة اتصالات واسعة قادرة على الترويج لأفكاره حول العالم، ويتم استخدامها في الوقت نفسه من أجل التجنيد السياسي. شبكة الاتصالات الخاصة بالتنظيم لم يتم استهدافها تماماً سواءً في العراق أو سوريا، أو حول العالم. وهناك معلومات تشير إلى أن مركز الاتصالات والإعلام موجود في إحدى الدول الخليجية.
السيارات التي يستخدمها التنظيم في عملياته جديدة، وحديثة الصنع، ومعظمها من صناعة يابانية، فمن الذي يشتري مثل هذه السيارات، وكيف تدخل الأراضي العراقية والسورية في وقت تزداد فيه مخاطر الاستيراد؟
هذه مجرد أسئلة وتناقضات تكشف لنا إلى أي مدى مازال الغرب حريصاً على تحقيق هدف القضاء على «داعش» في المنطقة. وبعدها يمكن القول إننا لسنا جادين في القضاء على «داعش»، مادامت الدول الغربية وبعض دول المنطقة لديها مصالح في استمرار مثل هذه الأنشطة الإرهابية.