لم ترفع المقاومة اليمنية شعارات تحريض وتوعد بالانتقام من أهل المذاهب والملل أو المعتدين، رغم مما ارتكبته الجماعة الحوثية الضالة من جرائم إرهابية وإبادة بشرية، لم تكتب المقاومة مثل ما كتب الانقلابيون في شعارتهم من عبارات تقطر منها الدماء وتشم منها رائحة الخيانة والغدر، بل رفعوا شعارات تحث بكل تحضر المقاومين على الالتزام بالمبادىء والقيم الإسلامية، ومن هذه الشعارات: «المقاوم لا ينهب.. والمواطن الصالح لا يصمت عن أي عبث»، ثم ذيلتها بعبارة تقول «مع تحيات اللجنة الأمنية – تعز».
وكعادة نضال أهل الحق الذي لا يمكن لأهل الباطل اتباعه، لأن أفعال أهل الباطل أصلها الخيانة والغدر بالوطن وانتزاع السلطة لتكون في يدهم حتى يبدأ معهم مشوار الموت والإبادة والنهب وسرقة ثروات البلاد، أما نضال أهل الحق فهو الدفاع، ليس فقط عن الوطن، بل الدفاع عن الأمة، لا يرجون فيها مناصب ولا مغانم، ولم يشترطوا مقابلاً أو هبات، ولم يكاتبوا الملوك ليجزلوا لهم العطاء أو ليستأثروا بملايين كما تفعل بعض الجهات التي تسرق المقاومة من أهلها وتستأثر بالخير لها ولأتباعها، وكلها أفعال تأتي تحت الخيانة، فالخيانة ليست قصراً على من يخون الوطن ويتآمر مع أعدائه، بل أهل النفاق من يدعون حب الوطن ثم يصمتون أو يستأثرون بغنائم أو يلعبون دور المقاوم والمتخاذل حتى يحققوا مصالحهم.
نعود إلى شعار اللجنة الأمنية في تعز، ونغوص في العبارات التي تحمل معاني لا تقتصر على المقاومة اليمنية، بل تشمل كل من يقاوم الباطل في وطنه، والذي تنطبق عليه بكل ما تعنيه هذه الصفة.. وهو مقاوم الشر ومن الشر النهب والسرقة، فمن ينهب ويسرق فهو ليس فقط بمقاوم بل ليس بمواطن، لأن المواطن هو مقاوم، ومتى ما سقطت عنه صفات المقاومة أصبح حاله حال أهل الباطل، وكذلك من يصمت عن العبث فهو حاله أيضاً حال أهل الباطل، إنها الرسالة التي يجب أن تكون أمام كل مواطن، ليس في اليمن بل في أي دولة، خصوصاً البحرين، التي نرى فيها اليوم من يصمت عن العبث، بل منهم من يصفق له وينافقه ويقدم له الخدمات التي تعينه على التوغل في عبثه، والأمثله كثيرة، ليس فقط على من يقدم للعابثين بالوطن الخدمات ويكافئهم، بل من يصمت عن عبثهم دون أن يعلق بكلمة أو حرف، ولا يصدر منه إدانه، ولم تتحرك مشاعره بأن تمتد يده إلى مفاتيح الكمبيوتر ليبعث رسالة إدانة ومؤازرة للدولة في وقوفها في وجه العابثين بالوطن.
المقاومة في اليمن تضرب اليوم المثل في شرف المقاوم، وذلك عندما كشف الله لحكمته عن وجوه رجالها الأشراف ووجوه القبح النتنة، إنه التمحيص الذي تشهده اليوم اليمن لينقيها من أراذل البشر الذين دنسوا ترابها الطيب، فهي أرض القوم الذين يحبهم الله ويحبونه، لذلك لا غرابة من هذا الشعار عندما يرفعه من يحب الله ويحبه، فتخط يده ما يفوح به قلبه وما تخفيه ضلوعه من طيب وسماحة، وأما من يضمر الشر فلا يكتب إلا ما يحمله قلبه من قبح، لم يصبه فقط في شعاراته بل حتى أخذ وجهه نصيبه من القبح فارتسمت على ملامحه حتى كسا وجهه الظلام، وأما أهل الحق فوالله لا يزيد وجوههم الله إلا كل يوم نضارة وبهاء صغيرهم وكبيرهم حتى ترسمت ملامح الشرف والعزة على محاييهم، وتقطرت المهابة والشجاعة في خطاباتهم التي تخرج عفوية، لا مصطنعة ولا مكتوبة على ورق مثل تلك التي يرددها أتباع الخميني في لبنان وإيران والعراق والبحرين واليمن، الذين اشتركوا في القبح والغدر كما اجتمعوا على خيانة الأمة وتعاونوا مع أعدائها، وذلك ليخطفوا سدة الحكم في الدول الخليجية السنية التي يتمزق قلبهم حين يشاهدون هذه الدول آمنة مستقرة تلتف حولها شعوبها، وهم شتات في الأرض حين حرموا نعمة الاستقرار حتى في الدول التي آوتهم وشملتهم بكرمها، وذلك بعد أن قابلوا نعم الوطن ونعمة المواطنة بالغدر والتآمر مع أعدائه.
اليوم تجدد لنا المقاومة اليمنية دروس العزة والإباء، وتعيد للأمة تاريخها المجيد، وذلك حين تلتحم الجيوش الخليجية والعربية على أرض اليمن مع إخوانهم في المقاومة، حتى تحرر اليمن، وبعدها يبدأ مشوار التحرير حتى تحرر سوريا والعراق ولبنان، ثم تحرر إيران لتعود ولاية من ولايات الأمة الإسلامية تحت حكم عربي خالص لا مكان فيها لعابث أو خائن، أو منافق يصمت عن العبث حتى يضمن له مكاناً مع من يفوز.