إلى الخارج لا تنظر.. إلى الشكل لا تهتم.. إلى المتغير لا تهتم؛ انظر إلى الداخل، الجوهرـ الخالد. لو ركزت على ما أقول لوجدت أن كل ما يتنفس أو لا يتنفس على هذا الكوكب النعمة، رائع وجميل ومبهر.
من هنا عادة ما أكرر بيني وبين الأصدقاء، وفي بعض الأحيان أصرح لمن يتحاور معي في أمر ما من أمور الدنيا وتغيرات الناس، إن كل عائلة في هذه الأرض لم تأت جزافاً، إنما من خلال حكمة لا نعرفها، ومن أجل رسالة تعلمنا وتفتح أمامنا الطريق المغلق والكهوف الواقعية أو الرمزية، لا يظن أحد أن الله أساء إليه حينما زرع نطفته في هذا الزمان وفي هذا المكان، لا يتصور أحد أن أجداده كانوا أكثر حكمة منه، وإذا كنا نكرر أن (لكل زمان دولة ورجال) فإنه من الجميل أن نقول لكل مجتمع مميزاته ولكل جيل من الأجيال أحلامه التي تختلف مع الأجيال الأكبر سناً، ولكل بيت فرادته واختلافه عن البيوت الأخرى.
أنت أخذت الكثير من الآخرين؛ من أبويك، من أخوتك، من أهلك، من أهل الحي الذي تسكن، من الهواء الذي يتحرك في بيتك وفي الطريق وفي كل ثرى بلادك، من الماء الذي يجري تحت مسامات أرضك، من المدرسين الذين علموك، من الأصدقاء الذين عشت معهم في المدرسة أو في الفريج، ومن الكتب، من القصص الشعبية، من كل مكان، حتى من الأفكار التي تأتي إليك من حيث لا تدري عبر الهواء الذي تتنفس.
أن تأخذ ما تعطى إلى حين من الدهر، حينما يشتد عودك وتعرف الفرق بين الخير والشر، لحظتها تقع المسؤولية عليك وحدك.
أن ترى الصالح وما عليك إلا أن تتبعه، وإن رأيت الطالح عليك أن تتجنبه.
وثاني الأسباب هو نموك وترعرعك في هذه العائلة الكريمة، هي كريمة رغم كل الظروف التي تعانيها، وحتى ولو كان أحد الأبوين يحمل شيئاً من الأمراض الاجتماعية؛ كالحقد أو الحسد أو الغيرة أو الرغبة في الانتقام والتذمر الدائم والشكوى التي لا تنتهي، هي كريمة لأنه من خلالها أنت كبرت ولك حين تصل إلى سن الرشد أن تختار الطريق الذي تريد أن تسلكه.
لا وجود لأي مبرر أن يقول شخص ما إنني ولدت في عائلة غير سوية، لذلك فأنا ورثت أمراضها النفسية والاجتماعية.
صحيح أن للعائلة دوراً كبيراً في تربية الأبناء، ولكن ألا تعرف أن الكثير من الرسل والأنبياء والحكماء ولدوا أيتاماً، وهناك العديد من الذين ساهموا في بناء المجتمعات دون وجود أحد الأبوين.
وصحيح أن المدرسين المحبطين يساهمون في زرع بؤر الإحباط في عقل الطلبة، وصحيح أن الشارع أيضاً يساهم في إنشاء عناصر غير واعية، متذمرة، شاكية، سلبية، عصابية، ولكن ما إن عرف الإنسان ربه عرف ذاته، وإن عرف ذاته استطاع أن يضيء العالم بما يحمل من بذور الخير التي وهبها الله لكل إنسان على هذه الأرض.
إن الإنسان مخير في الكثير من أمور حياته، وعليه أن يختار الطريق الذي يسلك، لا يستطيع الشيطان أن يدخل قلباً عامراً بالإيمان.
ولا تستطيع الكراهية أن تغزو روحاً تسبح في ملكوت الحب ولا تستطيع كل اغراءات العالم ان تمنع إنسانا من الصلاة.
كل الناس رائعون فهم مخلوقات الله مثلك، لا تختلف عنهم أو يختلفون عنك، لهذا لا تلومهم كبشر، كأرواح، إنما كسلوك، قد يكون ساهم فيه ظرف من الظروف التي لا نعرفها، قد يكون بسبب البرمجة الخاطئة في الطفولة. ضع في بالك دائماً وأبداً أن كل الناس رائعون.