سينتقل المقر الرئيسي للفرقة المجوقلة 101 والتي تعرف باسم «النسور الصارخة» من ولاية كنتاكي الأمريكية إلى الكويت، ليقود من هناك المهمات القتالية التي ينفذها أعضاء الفرقة وباقي القوات الأمريكية في العراق، والتي ستبدأ مع مطلع العام القادم وتستمر تسعة أشهر، فبوجه من ستصرخ هذه النسور؟
تعد هذه الفرقة مثالاً مصغراً لمفهوم الاحتراف العسكري في الجيش الأمريكي، وهي قوة اقتحام محمولة جواً، وهي فريدة من نوعها في العالم، لديها قدرات عجيبة في الطيران الليلي وتنفيذ الأهداف في العمق، وهي الفرقة الأكثر عدداً في الجيش الأمريكي، وتمتلك 400 طائرة عمودية، وأسلحة متنوعة، تشكلت في العام 1942، وكانت سبباً في حسم معارك عدة منها الإنزال الناجح الذي نفذته في النورماندي بفرنسا عام 1944 والذي حقق لأمريكا النصر على ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية، وكذلك حسمها لحرب الخليج الثانية من خلال مفارزها الاستطلاعية التي دخلت في العمق العراقي وقتها، أما عن هدف انتقال مقر قيادتها إلى الكويت فما أعلن هو تنفيذ مهمات قتالية في العراق تستهدف تنظيم الدولة «داعش».
قد يكون «داعش» أحد أهدافها لكنه ليس هدفها الرئيس، حتى أنهم لم يعلنوا أن مهمتها القضاء تماماً على داعش، وإطلاق اسم «الحل الأصيل» على خطتهم يوحي بمشكلة غير مشكلة داعش، حتى قائد هذه الفرقة قال: «انشغلنا خلال الأشهر الثلاثة الماضية في دراسة الوضع العراقي من أجل إجراء أفضل مقاربة ممكنة»، كل ذلك يدل على أنهم يريدون تحقيق وضع يناسبهم، وهذا ما يسير في استراتيجية أمريكا القائمة على احتواء وتحجيم وتوجيه داعش بالشكل والاتجاه الذي تريده أمريكا، لا القضاء عليه تماماً، أما هدف أمريكا الرئيس والذي من أجله ستنقل أفضل تشكيلاتها ونخبها العسكرية إلى الكويت والعراق هو الوقوف بوجه روسيا وليس القضاء على داعش بالكامل، وكذلك لتحد من نشاط إيران، ووجود مقر قيادة الفرقة في الكويت هو لتجنب ضربات محتملة من إيران وروسيا بواسطة الميليشيات العراقية، يؤكد كل ذلك إرسال عشرات من الجنود الأمريكيين إلى سوريا بصفة مستشارين لقوات المعارضة السورية التي تستهدفها روسيا ليل نهار وتدعي أنها تقاتل داعش، فهذه النسور جاءت لتصرخ بوجه روسيا التي اقتربت كثيراً من أعشاشها، ولتحقق وجوداً على أرض وسماء قدمت فيها خسائر كبيرة وليس من السهل أن تتنازل عنها لصالح روسيا وإيران أو حتى أوروبا شريكتها.
يجب ألا يتوقع أحد أن بنزول هذه الفرقة ستتبخر داعش والميليشيات وستحل كل المشكلات، فأمريكا مثلها كمثل الطهاة في المطاعم يوقدون نارهم بقوة عند الطبخ، وبعد إتمام الطبخة لا يطفئونها تماماً ويتركون شعلة صغيرة من النار ليوقدوا بها للطبخة القادمة، فقد تضيق أمريكا على داعش وتدفعها للعمل في مكان آخر وقد تجبرها على الانحسار لكن لا بد أن تبقي عليها، وكذلك الحال بالنسبة للميليشيات الشيعية.