لا يحتاج شعب البحرين أن يضرب مثالاً أو يقيم احتفالاً للتسامح والتعايش مع فئات المجتمع، فشعب البحرين فتح ذراعيه لكل طائفة وفئة منذ أن طرد الغزاة وحرر البحرين على يد أحمد الفاتح، بعد ذلك جاءت الفلول تتلوها الفلول من مختلف المناطق والجهات طلباً للرزق في البلاد ذات العيون المتدفقة والنخيل الباسقة والأرض الطيبة، والتي أسكنت المهاجرين إليها حتى بنوا بيوتاً دون صكوك ملكية، بل كانوا يضرعون حتى استولوا على أجمل المناطق وأفضلها، ثم جاؤوا بأقاربهم وجيرانهم دون أن يسألهم أحد عن العدد ولا عن أصولهم ولا فصولهم ولا لغتهم ولا مذهبهم.
هذا هو شعب البحرين الأصيل الذي لم يحاول أن يقطع طريقاً أو يتطاول على عابر سبيل ولا أن يقطع رزقاً. شعب البحرين الذي يحاول الانقلابيون إقصاءه وإبعاده وذلك بتكوين التجمعات حتى تمحى هوية المجتمع ثم يؤتى بالأدلة بعد وضع بعض الحجارة والأعلام ثم يدعى بأنه مسجد ومقام وضريح، هذا ما نراه اليوم من التأليفات التي تقوم بعض الجهات الموالية لإيران بها وبتزوير تاريخ مناطق البحرين، هذا التزوير تسكت عنه الجهات المسؤولة ودون أن تثير أي تساؤل حوله، ولا تحاسب من يفتري على أصل البحرين وعروبتها، والأمثلة كثيرة؛ حتى العاصمة شطبوا أسماء العائلات البحرينية التي أسستها وكانت هي الأصل، فهذه الحقيقة التي يجب أن نستوعبها، وبأن التعايش لا يكون بالسكوت عن سرقة التاريخ والاستيلاء على المناطق والمشاريع بدعاوى باطلة، تتحول بعدها لحقيقة، وذلك عندما يتم إعادة بناء ما هدم على أرض ليس لها صك ملكية، ولا يمكن التعايش مع من يتآمر على البحرين، ثم يفرض ليقبل به كفرد في المجتمع وهو في الأصل يعادي الدولة ويعلن ولاءه المطلق لإيران.
إن ما يحدث اليوم هو هدم صلات التعايش، وذلك عندما تخرج فئة تعادي الأمة. وها هي الأحداث تشهد على هذه المواقف بعد أن تأخذ بعض الجماعات المواقف المؤيدة لأعداء الأمة وما يحدث لشعوبها في سوريا والعراق واليمن، فتقف مع المعتدي الذي استباح دماءهم وهتك أعراضهم، وكذلك هو الموقف عندما عاش الشعب البحريني الواقع المرير الذي كشفت عنه المؤامرة وعن كم الوجوه الحاقدة على الدولة والشعب معاً. نعم فعندما احتل مستشفى السلمانية من الذي منع من العلاج؟ وعندما هاجمت الميليشيات الصفوية جامعة البحرين من الذي تعرض للضرب وللجرح ولهتك عرضه؟ ومن الذي قاد هذه الميليشيات ومن شارك فيها؟ أليسوا الطلبة أنفسهم؟ وهي ذات الميليشيات التي حملتها الباصات وسيارات الإسعافات التي ملئت أسلحة، ثم ما هي مطالبهم؟ أليست إسقاط الدولة والاستيلاء على السلطة، فهل يمكن بعدها أن يجد التعايش طريقاً؟
ثم إلى أولئك الذين يبحثون عن التعايش؛ ألم يسألوا كيف يثق شعب البحرين في من يخبئ أسلحة ومتفجرات في بيته ومزرعته وسردابه؟ وهل يمكن التعايش مع من يقطع عليه الطريق ويهدد حياته كل يوم؟ أيثق في من منع عن ابنته العلاج؟ وهنا نذكركم كيف ماتت فاطمة العباسي في أحضان أمها عندما منع عنها الإسعاف، ونذكركم كيف كان الأجانب ينزفون دماً وهم ينزلون من سيارة الإسعاف في مواقف طوارئ السلمانية وحولهم الأطباء والممرضون يرقصون ويغنون «انتصرنا والناصر الله»، إنه واقع خطير يجب تغييره باجتثاث الإرهابيين وداعمي الإرهاب ومحرضيه وبإنزال أقصى العقوبة، كما فعلت فرنسا بحثت فور وقوع التفجيرات تغيير دستورها كي تسقط الجنسية عن الإرهابيين، وتعدل من قوانين الإرهاب حتى تتحرك بقوة أكبر لمواجهة الإرهابيين واقتلاعهم اقتلاعاً نهائياً لا ردة فيه ولا تسامح ولا عفو.
ونضرب هنا مثلاً كيف ترفض فرنسا، دولة وشعباً، التعايش مع الإرهابيين؟ وماذا تفعل فرنسا لطمأنة شعبها؟ ليس بمؤتمرات واحتفالات، بل باقتلاع الإرهاب من جذوره، حتى يكون هناك تعايش جميل يلتف فيه الشعب البحريني حول دولته مثلما التف الشعب الفرنسي بعد حوادث التفجيرات الإرهابية حول دولته، أما أن تلتف فئة من المجتمع البحريني حول إيران فلا يمكن أبداً أن يكون هناك تعايش وتسامح تطيب فيه الحياة.