حرقت نار الإرهاب بالأمس فرنسا، وهو الذي تكتوي بناره البحرين منذ 5 سنوات، لكن الفرق أن الإرهاب في البحرين يطلق عليه حرية رأي وأصحابه مناضلون يستحقون الاهتمام والرعاية من الدولة، أما في فرنسا فيسحق الإرهابيون المنفذون والمشتبه بهم في الحال ودون محاكمات ولا محامين، كما يقف المجتمع الدولي بأجمعه مع الدولة، هكذا تكون الأمور عندما تقرر الدولة حفظ أمنها دون أن تكترث بردود فعل، ودون أن تجلب لجان تقصٍّ وتحقيق للتدخل في شؤونها وتطلع على أمورها وتقرر عنها من المجرم ومن البريء. لقد تصدى المجتمع الدولي بما فيه البرلمان الأوروبي، والذي تعتبر فرنسا إحدى دوله، للبحرين عندما حاولت ردع الإرهابيين بأحكام سجن تعتبر قليلة بالنسبة لمنفذ عملية إرهابية أو قيادة الجماعات الإرهابية، وها هو واحد من بيانات هذا البرلمان في فبراير 2014، يطالب البحرين على حد زعمه بوضع حد فوري لجميع أعمال القمع، وما سمته بالمضايقة القضائية وشيء آخر سماه الاختفاء القسري، وهو ما ليس له وجود في البحرين، وتهمة أخرى اتهمت فيها الدولة بجرائم قتل ضد الشعب، وكذلك مطالبته بالإفراج الفوري عمن سمتهم المدافعين عن حقوق الإنسان والمتظاهرين السلميين، وألا تتم محاكمة هؤلاء في محاكم خاصة أو المحاكم العسكرية لمحاكمة جرائم الأمن القومي، وفي الوقت الذي فيه يقف هذا البرلمان مع الإرهابيين في البحرين، يدعم الحكومة العراقية في زعمه بمحاربة الإرهاب، ووعدها بمساعدتها للحفاظ على سيادة ووحدة الأراضي العراقية ودعم جهودها سياسياً ومالياً لتعزيز الاستقرار فيها. إن نار الإرهاب الذي يكتوي بها شعب البحرين لم يكتوِ بمثلها شعب فرنسا أو غيره، وإن طال فرنسا الإرهاب اليوم فبالتأكيد لن يتكرر أو يستمر ولو لأيام، وذلك حين تواجهه الحكومة الفرنسية بدعم المجتمع الدولي وتأييده الكامل لها، وإن قررت شن حرب على كل دولة ينتمي إليها الإرهابيون، فلن يقف أمامها أحد، لا مجلس أمن ولا أمم متحدة، وبالفعل قامت الحكومة الفرنسية بإجراءات منها إعلان حالة الطوارئ، وإغلاق الحدود مع الدول المجاورة لها، ومراقبة جوازات سفر الوافدين من الاتحاد الأوروبي عبر المطارات ونشر قوات الأمن على الحدود البرية، وذلك كله لطمأنة الرأي العام الفرنسي المتخوف من تكرار العمليات الإرهابية. هذه الإجراءات بالتأكيد لا تعتبرها فرنسا ولا المجتمع الدولي إجراءات صارمة، بل إجراءات عادية، يتوجب على فرنسا القيام بها للحفاظ على أمنها وهيبتها وسيادتها. أما البحرين، فبمجرد أن تتخذ الدولة أي إجراء عقب أي عملية إرهابية حتى لو بإغلاق شارع أو حراسة منطقة، أو مجرد نقطة تفتيش حفاظاً على حياة المواطنين، فهي إجراءات يتم تدوينها في تقارير للمنظمات الدولية، على أنها انتهاك لحقوق الإنسان، وأنها ملاحقات ومضايقات تتعرض لها فئة من الشعب، وهكذا يقضى على الإرهاب في فرنسا في أيام ويستمر الإرهاب في البحرين لسنوات، وذلك عندما يبارك المجتمع الدولي الإرهابيين في البحرين ويطالب بالإفراج عنهم، وفي فرنسا وفي دول أخرى، على سبيل المثال دولة العراق، يدعمها المجتمع الدولي ويمدها بالمساعدات المادية وحتى الحربية، إذا ما قررت هذه الدول بشن هجمات على مواقع الإرهابيين، وبالفعل تشن اليوم حكومة العراق هجمات بالطائرات والصواريخ والمدافع بدعوى محاربة داعش، وستفعل فرنسا الشيء نفسه بل هي شاركت في هذه الحرب، وستشارك بعد هذه العملية الإرهابية بقوة أكبر. ولكن البحرين تظل تكتوي بنار الإرهاب وقد تمتد لسنوات قادمة لا نعلم عددها، وذلك طالما حاسبت الدولة لمنظمات المجتمع الدولي وبرلماناته وحكوماته، وتعاملت مع الجمعيات التي تقود وتوجه الميليشيات الإرهابية، بأنها جمعيات سياسية مازالت مقراتها مفتوحة، ومازالت تستلم الدعم المادي من الدولة، ومازال بعض أعضائها من النواب السابقين في البرلمان قد يحتفظون بالجوازات الخاصة، فإذاً لا غرابة إذا استطاعت فرنسا القضاء على الإرهاب في أيام، وفي البحرين يستمر الإرهاب لسنوات!!