أُسدل الستار على الملتقى الخليجي الثالث للإعلام السياسي والذي اختص هذا العام بمناقشة موضوع السلم الأهلي، باستضافة عدد من النخب في المجال الإعلامي الدولي والإقليمي والعربي. حيث يقام هذا الملتقى سنوياً من قبل معهد البحرين للتنمية السياسية بغية نشر المفاهيم السياسية وتثقيف المواطنين الخليجيين بأهم القضايا السياسية التي تمس المجتمعات الخليجية، ولهذا يكون التسجيل لهذا الملتقى مجانياً لاستقطاب أكبرعدد من مواطني الخليج للاستفادة من الأوراق العلمية المقدمة من قبل المتحدثين، وقد تجاوز عدد المشاركين الفاعلين هذا العام 600 مشارك من البحرين والخليج والدول العربية.
ناقش المتحدثون عدداً من المحاور تتعلق بالتعامل الإعلامي سواء كان التقليدي أو الحديث على ملف السلم الأهلي، وهنا سأتوقف عند قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا).
وقد بدأ الرسول الكريم حديثه بأهمية شعور الفرد بالأمن والسلم، وجاء في شرح هذا الحديث الشريف قوله «من أصبح منكم آمناً» أي غير خائف من عدو، في سربه أي في نفسه وقيل السرب: الجماعة.
وهذا الحـديث النبـــوي الشريف يضــع لنا أولــويات الفرد في الحياة، فالفــــرد والمواطــن ينشد الأمـــن أولاً قبل أي شيء آخر حتـــى الغذاء، وهذا مـــا يجعل جميع مؤتمراتنا وملتقياتنا الحالية تعطي أهمية وتركيزاً على هذا الجانب.
في ظل أجواء مضطربة تحيط بدول المنطقة، لاسيما مع انتشار آفة التطرف والإرهاب وتزايد مظاهر العنف والفوضى ومخاطر الصراعات والحروب وتداعياتها على أمن واستقرار المنطقة ككل، جاء المنتدى ليشكّل منبراً مستقراً ودائماً لتعزيز ثقافة الديمقراطية في مجتمعاتنا الخليجية.
هذه الأجواء والمظاهر جعلت من العمل على تحصين الجبهة الداخلية من محاولات اختراق المجتمعات الخليجية وبث الفرقة والتعصب والاقتتال فيها، وهدم مقوّمات الوحدة الوطنية بين أبناء المجتمع الواحد، أمراً ضرورياً ومسؤولية مشتركة لا مناص من القيام بها، بُغية ترسيخ دعائم السلم الأهلي بمفاهيم سليمة تعزّز لغة الحوار والتسامح، واحترام التعددية، وتقبل الآخر.
من هنا، جاء مفهوم «الإعلام والسلم الأهلي» كتأكيد على التعاليم الإلهية والشرائع السماوية ناهيك عن القوانين الوضعية، وذلك باعتبار أن فطرة الإنسان السوي تقوم على مبادئ السلم والعفو والتسامح.
وربما من أهم ما تطرق له المتحدثون في هذا المنتدى هو ما ورد على لسان جيزال خوري مقدمة البرامج الحوارية على قناة بي بي سي عربية عندما أشارت إلى تجربة لبنان في التعامل مع ملف الأمن والسلم الأهلي، حيث تحدثت بنبرة يغلب عليها الحس الوطني والرغبة الصادقة في لم الشمل بعد كل ما ألم بلبنان الشقيق من تشتت بين أبناء الشعب الواحد، وانعدام السلم الأهلي، وقالت: الأمن والسلم الأهلي يبدأ من الفرد نفسه، فلا قوانين تنظمه ولا تشريعات تحده، إنها رغبة صادقة تتولد عن المواطن الحق الذي يسعى إلى رص الصفوف وتقوية الجبهة الداخلية، وتحدثت أيضاً عن تجربة لبنان في الانفصال «غير الرسمي» كما أطلقت عليه، وقالت لم ينفع الانفصال أبداً، وقد زاد الانفصال والانقسام الطين بله، فحتى وفي ظل الانفصال حصل الخلاف والانشقاق بين المنفصلين كما حدث في الجنوب وكما حدث بين (جعجع وجنبلاط)، وأكدت جيزال في ورقة عملها على أهمية الوعي الشعبي والذي يبدأ من الفرد نفسة بالإيمانه بوحدة الصف، وقالت «أختلف معك.. تختلف معي.. هذا أمر وارد وطبيعي، ولكننا يجب أن ندرك بأن مصلحتنا في الالتفاف تحت راية الوطن وتعزيز ثقافة التعايش لضمان الأمن».
كما أكد الدكتور علي الشعيبي، وهو أكاديمي ومستشار إعلامي وتربوي من دولة الإمارات الشقيقة، على أهمية بناء وترسيخ الهوية الوطنية وتعزيزها عند الطلبة منذ عمر الحضانة، مؤكداً على الدور الهام الذي تلعبه وزارت التربية والتعليم على الناشئة في تعزيز ثقافة التعايش لضمان سلم أهلي في بلداننا الخليجية، وقد أكد على دور كل من الجانب الاقتصادي والاجتماعي والثقافي على تعزيز السلم الأهلي في المنطقة.
.. للحديث بقية