أن يتجاهل بعض النواب القضايا الحيوية، أمنية واقتصادية وبيئية، وتقارير رقابة مالية سنة تلو السنة دون قراءتها ولا مراجعتها ولا حتى يدرون فيها أوما فيها؛ فهي مسألة خطيرة، والأخطر أن يجعل هؤلاء النواب همهم الانقضاض على وزير التربية، وكأنه المسؤول الذي عليه أن يقوم بتوظيف خريجي المدارس والجامعات، وأن يبتعث كلاً حسب رغبته وميوله، فجميع متفوقي الثانوية على الوزارة أن تدرسهم الطب والهندسة أو أن يتم اتهامها بالطائفية، وغيرها من اتهامات لا يمكن حصرها، فهي متنوعة ومتعددة على حسب مزاج النائب وما يخدم مصالحه، ثم إن ضيق نظر من نواب آخرين عندما يتصدون للوزير الذي تشهد مواقفه الوطنية على كفاءته وأمانته. إنه الوزير الذي لم يسيس توظيفاً ولا بعثات، كما فعل بعض الوزراء الذين لا زالت آثار تسيسهم مستمرة لعقود قادمة، يدفع ثمنها المواطنون الشرفاء، عندما غيب فرص الدعم والتدريب والتوظيف عنهم وشطب أسماءهم من القوائم، فأمثال هذا المسؤول لا يسألونه ولا يستجوبونه، لا من النواب المؤيدين ولا من المعارضين، وفعل ما فعل بالوزارة والمؤسسات التابعة لها وخرج بعد أن مكن خدم الانقلابيين، مثل هذا المسؤول المتجرد من الوطنية لا يتجرأ أحد على سؤاله وحتى لو استمر في منصبه. بعض النواب الذين يتصدون لوزير التربية بتوجيه أسئلة انتهت صلاحيتها وبت فيها من قبل، مثل قضية «تلحين القرآن»، والتي كان موقف الوزارة فيها واضحاً، وقد تم أخذ الإجراءات العادلة، إلا إذا كان هذا النائب يريد إغلاق المدرسة وتسريح الطلبة والمعلمين ورجم المشتركين!! أما غيره من النواب فقد اتضحت مقاصدهم من الإصرار على استجواب الوزير، وذلك عندما جاء من ترأس حملة الاستجواب بمئات من طلبات التوظيف، أي أن المسألة هي ابتزاز «وظف يا وزير أو مكانك على المنصة»، والبعض الآخر يحاول أن يكون كما يقول المثل «مع الخيل يا شقراء». المشكلة قد تكون أن بعض النواب صار لديهم خلط بين مهام المؤسسات الحكومية، مثل خلطهم بين وزارة العمل ووزارة التربية، بل إنهم ألغوا وزارة العمل من حساباتهم نهائياً، حين حملوا وزارة التربية مسؤولية توظيف الخريجين، ونواب آخرين يسعون إلى ضمان استمرارهم في المجلس النيابي القادم وما بعده، وبذلك يسعون إلى إرضاء مرشحيهم بتوظيف أبنائهم، وهذا فعل ليس سيئاً؛ بل بالعكس هي خدمة للوطن والمواطن، ولكن مع الأسف أنهم لم يعالجوا المشاكل التي تقف عائقاً أمام قلة فرص التوظيف في مؤسسات الدولة وشركاتها، وأولها سوء إدارة ملف العاطلين من قبل الجهات المسؤولة عن هذا الملف، والذي سخرت له الدولة ميزانية إيرادات مستمرة ومفتوحة، إذ أنه لو وزعت هذه الإيرادات كإعانات شهرية للعاطلين ولذوي الدخل المحدود في القطاع الخاص لتم القضاء على مشكلة البطالة نهائياً، ولكن مع الأسف أن هذه الإيرادات تذهب إلى غير مكانها، ومنها فعاليات ومؤتمرات ودورات تفوق كلفة بعضها مائة ألف دينار لليوم الواحد، ودورات أخرى في المكياج وكمال الأجسام في بريطانيا، هذا كل الإسراف وسوء الإدارة لم يلتفت إليه بعض النواب. إن قضية استجواب وزير التربية كل يوم ومبادرته بنتف من الأسئلة «البايتة»، وإلهاء المؤسسة التعليمية عن القيام بمهامها، والتفرغ فقط للرد على سؤال حضرة النائب الذي لا ندري كيف حضره هذه السؤال وماذا يهدف من ورائه، ومن هذه الأسئلة على سبيل المثال «ما عدد الوظائف التعليمية الشاغرة في الوزارة منذ بداية عام 2010، وكيف تم إشغال هذه الوظائف، وهل تم ملء هذه الشواغر خلال الفترة المذكورة....»، وهذا السؤال في الأصل ليس من مهام الوزير، وسؤال من آخر يسأل فيه «كم عدد الطلبة والطالبات الذين حصلوا على منح وبعثات دراسية خلال 5 سنوات الماضية، وبرجاء إرفاق جدول تفصيلي يوضح المعدل التراكمي»، أي أنه يريد أن يتأكد من الأسماء، وهو سؤال طائفي بامتياز، وعلى الوزير أن يقول بتشغيل جهاز الوزارة بالكامل كي يقدم لهم مثل هذه التقارير، وهكذا تتعطل عجلة التعليم في البحرين، وذلك بسبب نواب قد يكونون خلطوا بين مهام وزارة التربية وبين وزارة العمل وصندوق العمل، ونواب آخرين يسعون إلى تحقيق أهداف طائفية، ونواب آخرين قد يكونون مثل ما يقول المثل «مع الخيل يا شقراء».