في أغلب الأحيان نبذل في الصحافة جهداً كبيراً في الحصول على المعلومة، وجهداً آخر للتحليل والتفكير حتى نقدم للناس في اليوم التالي عموداً ينفع الله به البلاد والعباد، نجتهد في ذلك، غير أنه ينتابنا شعور قاسٍ ومؤلم وهو أن لا شيء يتغير، والعربة لا تسير إلى الأمام بل ربما إطاراتها معطبة.
هذا الشعور يشعر به الكتاب ويشعر به المواطن، فنحن في كل مرة نصبح مثل الذي يتجرع آلام نفسه بنفسه حين نهم بالكتابة، بل أصبحنا أشبه بالذي يجرح نفسه بيده، من فرط ما نجد من منغصات، وأمور كثيرة مزعجة ومؤلمة لنا كمواطنين.
البعض أراد اختصار قضايا الناس في أزمة اللحم، بينما الناس في البحرين ضربوا مثلاً طيباً في مقاطعة اللحوم، وكأن المواطن يقول: «أنا لست رهينة لقطعة لحم يتفضل بها علينا».
المسألة أكبر من كيلو لحم؛ المسألة في حزمة إجراءات قد تجعل المواطن البسيط والمحب لوطنه يكفر بكل شيء ويغير قناعاته، وهذا أخطر ما في الموضوع، وأخطر ما في السياسات التي يراد لها أن ترى النور هو غياب حساب الأمن الاجتماعي، وهذا بكل الطرق سيؤدي إلى أمور سياسية لا محالة.
هذا الأمر لا يراه من يصور لقادة البلد أنه سيوفر ملايين من هنا ومن هناك، المسألة ليست كذلك، فالدولة مسؤولة بحسب الدستور عن الكفالة الاجتماعية، بينما مارس البعض أيضاً ضدنا تلاعباً بالمسميات، فالتكافل والضمان الاجتماعي تم تغيير مسماه إلى مسمى آخر وهو (دعم السلع)..!
الضمان والتكافل الاجتماعي ليس بدعة بحرينية، فحتى الدول الكبرى التي تفرض ضرائب على المواطنين في أوروبا وأمريكا واليابان، فإنهم ملزمون بالضمان الاجتماعي، ويأخذون ضرائب أكبر على التجار والأغنياء، ويخفضون الضرائب على البسطاء، ويقدمون لهم الدعم، وإلا لثارت الشعوب ثورة خبز على غرار ما فعله المصريون.
مع عميق الأسف أصبح لدينا مجلس نواب منفصل انفصالاً تاماً عن هموم الناس، وإذا ما وجدت بعض النواب الذين يتحدثون عن همومنا في قاعة المجلس، فإنهم قليل، وبعضهم يمارس على المواطنين (حركات أكروباتية) مكشوفة، مجرد (شو) لا أكثر ولا أقل.
الصحافة لا تملك تشريع القوانين، ولا تملك الحق الدستوري والقانوني في المحاسبة كما هو متوفر للسادة النواب، لذلك نلوم كثيراً إخوتنا النواب على تخليهم عن ملفات كثيرة هي من صميم معيشة وحياة الناس، وقد أقسم النواب على ذلك، وإنه قسم لو تعلمون عظيم..!
أحياناً نشعر كمواطنين أننا أمام مسرح كبير لا ينتهي، تدخل فرقة تقدم وصلتها، ثم تخرج، ثم تأتي أخرى، وتقدم وصلتها، وتخرج، هكذا دواليك، وكل فرقة تأخذ أجرها بعد الخروج، ونحن كمواطنين لا نملك إلا التفرج، نضحك قليلاً، ونبكي كثيراً..!
لكن للأمانة لدينا ممثلون محترفون، لدينا أشخاص يتقنون كيف يقومون بالدور المطلوب بإجادة تامة، وهذا ميزة المسرح المفتوح..!!
** رذاذ
من الأمور المؤسفة والمحبطة التي تحدث اليوم هو انشغال السادة النواب برفع قضايا على بعضهم البعض، تركوا قضايا الناس وهمومهم وانشغلوا بتوجيه السهام لبعضهم.
بعض النواب اتهموا زميلاً أو زميلة لهم بفقدان الأهلية..!
للأسف معلوماتي القانونية بسيطة، فماذا تعني كلمة فاقد الأهلية؟
أخاف تقصدون أن الشخص المعني «مو صاحي»..!!
لاحول ولا قوة إلا بالله، كيف بالله عليكم إذاً ينتظر الشعب إنجازات من هذا المجلس.. الله المستعان..!