من المؤمل أن تجري الانتخابات البرلمانية العاشرة، وكذلك انتخابات مجلس خبراء القيادة في إيران، في 26 فبراير 2016، وهي انتخابات ستبدو حاسمة وتتسم بسخونة وحساسية، لأن الجناحين الرئيسيين في الحكم؛ أي جناح المرشد الأعلى خامنئي وجناح رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام رفسنجاني يستعدان لخوض صراع مرير من أجل الاستحواذ على أغلبية المقاعد في مجلس الشورى «البرلمان الإيراني»، وكذلك التنافس على منصب رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، حيث سيكون التنافس بين الشيخ رفسنجاني والسيد محمود الهاشمي الشاهرودي، المرشح الأقوى لمنافسة رفسنجاني على تسلم دفة مجلس الخبراء نظراً لصلته الوطيدة مع المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي والحرس الثوري.
الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجلس خبراء القيادة الإيرانية، والتي يستعد لها الطرفان على قدم وساق، تجري في ظل ظروف وأوضاع ومستجدات بالغة الحساسية على مختلف الأصعدة، حيث تبدو في الأفق الكثير من التحديات التي تحدق بنظام ولاية الفقيه، خصوصاً وأن هذه الانتخابات تجري وقد تم البدء بتنفيذ الاتفاق النووي، كما أن هناك تراجعاً إيرانياً ملفتاً للنظر في سوريا واليمن والعراق، وقد توضحت أجلى صوره في ارتفاع أعداد القتلة من الحرس الثوري، خصوصاً القادة البارزين منهم في سوريا، وكذلك الهزائم المنكرة التي لحقت بجماعة الحوثي وحلفائهم في اليمن على يد التحالف العربي بقيادة السعودية من خلال عملية الحزم، هذا بالإضافة إلى تصاعد الموقف الشعبي الرافض في المنطقة للتدخلات الإيرانية، وفي ظل كل هذه التطورات يستعد كل جناح للسيطرة على هذين المعقلين من أجل فرض رؤيته ونهجه على النظام خلال المرحلة القادمة.
على الرغم من مزاعم الحرية والديمقراطية في ظل نظام ولاية الفقيه، لكن الذي يجب أن تتم ملاحظته ويؤخذ بعين الاعتبار هو أن معظم السلطات متجمعة في يد الولي الفقيه، وهو صاحب القرار النهائي؛ بل ويمكن اختصار النظام كله في شخصه، لكن المشكلة الكبيرة التي يعاني منها خامنئي وفي ضوء الأحداث والتطورات التي تتوالى خلال أعوام حكمه، والتي كان من أبرز معالمها أن العالم كله قد شهد كيف أن الشعب الإيراني قد قام خلال انتفاضة عام 2009، برفع شعار الموت للديكتاتور خامنئي وتم تمزيق وإحراق صوره، مما اعتبرته العديد من الأوساط السياسية بأن منصب الولي الفقيه قد فقد هيبته السابقة، والذي أكد أيضاً على ضعف ورخاوة موقف ومكانة الولي الفقيه، هو ما قد جرى من صراع لفترة محددة بينه وبين الرئيس السابق أحمدي نجاد، كما أن توقيع الاتفاق النووي وتجاهل الخطوط الحمر الـ19 التي وضعها خامنئي في الأسبوع الأخير قبل توقيع الاتفاق، أثبت بأن منصب الولي الفقيه لم يعد بذلك الجدار العالي والحصن المنيع، وهذا بالذات ما يدفع برفسنجاني للاندفاع أكثر في عملية التنافس والصراع على أمل حصر خامنئي في زاوية ضيقة تدفعه للامتثال لما سيتم فرضه عليه.
نظام ولاية الفقيه وهو يقدم على الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجلس خبراء القيادة الإيرانية، فإنه محاط بالمشاكل والأزمات من كل جانب، ويمر بأسوأ مرحلة له منذ أكثر من 35 عاماً، فإن هذه الانتخابات لها أهمية بالغة على أكثر من صعيد لأنها ستشهد صراعاً مريراً وحامي الوطيس على النفوذ، ونميل أيضاً لوصفها بالمصيرية للجناحين، ذلك أن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة المفاجآت وتصفية الحسابات مع ملاحظة أن مير موسوي وكروبي مازالا في غياهب الجب مما يزيد النار تحت الرماد.