لم تتوافق الدول الخليجية الريعية على آليات معينة للمرحلة الانتقالية إلى مرحلة ما بعد الريع، ولذلك اتبعت كل منها إجراءاتها الخاصة عن قناعة، ولم يكن هناك قرار خليجي على مستوى القمة لمواجهة التحديات الاقتصادية.
البحرين طبقت في 1 أكتوبر 2015 قرار رفع الدعم عن اللحوم مقابل تعويضات نقدية بعد عدم النجاح في التوافق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية على مشروع لبطاقة تموينية كما هو معمول به في بعض الدول. وفي 2 فبراير 2015 دعا محافظ البنك المركزي السعودي إلى «مراجعة سياسة الدعم مع مراعاة الآثار الاجتماعية، إضافة إلى تنويع مصادر الدخل والقاعدة الإنتاجية، وتعزيز دور القطاع الخاص في التنمية». وفي 27 أكتوبر 2015 أعلن وزير النفط السعودي أن المملكة تدرس رفع أسعار المنتجات النفطية المدعومة في السوق المحلية.
أما الكويت فقد أعلنت في يونيو 2014 عن قرار بخفض دعم الديزل، كبداية لمرحلة جديدة. وفي الإمارات كان القرار جريئاً عندما اتخذت الحكومة الإماراتية قراراً بتحرير الوقود اعتباراً من 1 أغسطس 2015.
في سلطنة عمان، أكد وزير الشؤون المالية العماني في 8 مايو 2014 أهمية دراسة تقليص دعم المحروقات مع تزايد الضغوط المالية على البلاد. ومازالت قطر بعيدة عن نقاشات تتعلق برفع أو توجيه الدعم الحكومي باعتبارها المصنفة الأولى عالمياً في الدعم الحكومي.
بقراءة الخطوات الأولية جداً لإجراءات رفع أو توجيه الدعم في الدول الخليجية فإن النتيجة أنه لا توجد هناك خطط حكومية واضحة للمرحلة الانتقالية، فبعض الدول اتخذت قرارات سريعة وجريئة كما هو الحال بالنسبة للإمارات التي حررت الدعم عن الوقود، وفي البحرين التي رفعت الدعم عن اللحوم مع تقديم تعويضات نقدية. ما هي الخطوات المقبلة؟ مسألة غير معروفة في ظل عدم مكاشفة ترتبط بها سياسات الدعم الخليجية غالباً.
المرحلة الانتقالية للدولة الريعية غير واضحة حتى الآن، وكذلك لا توجد جهود إعلامية لتعبئة الرأي العام بضرورة اتخاذ قرارات جريئة تتعلق بمعيشة المواطن الخليجي والدعم الحكومي المقدم له، مع مخاوف رسمية من أن مثل هذه القرارات أو السياسات ستؤدي إلى زيادة الاستياء الشعبي العام وسط بيئة إقليمية ودولية مضطربة قد لا تساعد على سرعة ضبطه أو السيطرة عليه. فالصمت المتبادل، أو المواجهات الإلكترونية عبر شبكات التواصل الاجتماعي لن تجدي ولن تساهم في إبقاء أجواء الثقة «المتباينة» بين المواطن والدولة أو المواطن والحكومة في مرحلة الانتقال إلى ما بعد الدولة الريعية.
مسألة المكاشفة باتت ضرورية حتى يدرك المواطن الخليجي ما هو مقبل عليه خلال الفترة المقبلة، وحتى ترفع الحكومات الخليجية الحرج عنها في وقت تعاني فيه من تحديات مالية معقدة قد تزداد صعوبة، فالطرفان بحاجة إلى الدعم المتبادل والصمت لن يؤدي إلا إلى ابتعاد كل طرف عن الآخر، والنتائج ستكون وخيمة.