كانت المخلوقات البشرية تعيش على وجه الأرض منذ سنين غابرة وقد شكلت فيما بينها المجتمعات وأرست قواعد الحياة وأنتجت الألوان وهو نوع من الإبداع البشري ويمكن لأي إنسان يمتلك حاسة الذوق أن يكتشف أسرار هذه الألوان من خلال رؤية المخلوق للون الذي يعشقه.
هناك من يعشق الألوان التي تثير البهجة في النفوس وهي كثيرة ومن يعشق التي تثير الكآبة وهي كثيرة أيضاً ويمكن لأي محلل إنساني أن يقدم النتائج الحاسمة من خلال اعتماده على ما يعشق المخلوقات فالذين يميلون إلى ألوان البهجة هم أصحاب القلوب الطاهرة والنظيفة ولا تجد في قلوبهم أي مساحة للحقد على الآخرين حتى لو اختلفوا معهم ولا يزاولون أي نشاط سري من أجل استبعادهم ويلفقون ضدهم أي اتهام كونهم من الناجحين ويتفوقون في الشكل والمضمون عليهم بينما الذين يعشقون الألوان المكروهة لمعظم مخلوقات الكون بما فيهم «الدواب والثيران والكواسر على الأرض وأسماك القرش في البحر والطيور الجارحة في الفضاء مثل البوم والغربان والنسور وغيرهم» فهؤلاء من المخلوقات الشاذة وكل ما يفكرون فيه عدوانياً ولا يعشقون السلم أو النقاش الحضاري.
إن أكبر الفاشلين في الحياة من يمثلون البساطة وهم من المعقدين ومن يمثلون الالتزام وهم غير منضبطين ومن يمثلون الأمانة ومن تحت الطاولة يتسلمون الهدايا والرشا وهؤلاء رؤوس الفساد في الأرض وفي كل مجال بما فيهم المجال الرياضي.
هذه «خرازيات» تعود من جديد بعد تجربتين سابقتين لم تمت في أي من المكانين لكنها خنقت فيهما والسبب إنها تقول للأبيض «أبيض» وللأسود «أسود» ولا تمسك عصا اللون «الرمادي» لأنه لون المنافقين وليس الدبلوماسيين والأخيرين لهم فلسفتهم لكن ما عنيتهما هما يختلفان وفي سياق الخرازيات نجدهما ماثلين أمام أعين القراء.
لقد كنت أول من اتخذ قراراً بالابتعاد عن الكتابة في شأن النقد الرياضي بعد التجربتين السابقتين لكن الذي أخجلني حقاً وحفزني على مواصلة الكتابة هو الصديق يوسف البنخليل رئيس تحرير صحيفة الوطن الذي استقبلني بكل رحابة صدر وقال لي هذه الصحيفة التي ترفع اسم الوطن لك ولكل مخلص غيور يريد أن يرفع من شأنها لأنك صاحب رسالة وطنية تهدف إلى الإصلاح الرياضي وتريد أن تكشف للمسؤولين أصحاب الشأن السلبيات فأنت ابن الوطن ومساحة الوطن لك ومثل هذا الكلام الجميل من رئيس التحرير هو الذي أعاد الحياة لخرازيات بعد إن ذبحت أو «كادت» في المكانين السابقين.
الشكر لرئيس تحرير صحيفة الوطن وأعاهد ضميري وانتمائي لهذه الأرض وقيادتها أن نكون معاً في تصحيح سلبيات الحياة الرياضية وعلى أعلى المستويات.