«هلت تباشير الخير، أمطرت الكويت»، و«نزل عندنا مطر، والله اشتقنا للمطر الحمد لله، بشرة خير لنا كلنا إن شاء الله، مبروك يا أهل الكويت، فديتكم»، و«أعشق المطر وصوت الرعد وشوفة البرق وأعشق صيد السمك»، بهذه التغريدات الجميلة استقبل أهل الكويت أمطار الخير التي هطلت عليهم بالأمس، وفي برك الأمطار التي غطت شوارع الكويت مثل الجهراء التي «استأنس» أبناؤها وأطفالها بها من لهو وقفز وسباحة، بينوا أن الكويتيين يعشقون كويتهم في أي حال من الأحوال، ويستشعرون الجمال في كل شيء حتى في غرق الشوارع بمياه الأمطار.
لكن لو هطلت هذه الأمطار في البحرين، بم ستمتلىء وسائل التواصل الاجتماعي؟ هل نستمتع بقراءة تغريدات جميلة؟ أو أن المتحاملين على الدولة الذين أصبحوا يستغلون كل حادثة، حتى الجميلة منها، لتحميل الدولة المسؤولية، ومنها بعض الحسابات التي خصصت لتقزيم الدولة أمام شعبها، سيظهر أصحابها أنهم المصلحون؟. هذا هو الواقع اليوم في وسائل التواصل الاجتماعي لبعض البحرينيين الذين يقومون بما عجز عنه الانقلابيون، ولذلك نرى الانقلابيين لا يتطرقون إلى بعض الموضوعات ذات السمة السياسية، والتي تضر بسمعة الدولة، وذلك عندما يشاهدون أن غيرهم «كفوا ووفوا» فيها، فتقتصر مهمة الانقلابيين على نسخ هذه التغريدات والتعليقات في تقاريرهم التي يقدمونها إلى المنظمات الأجنبية، حتى يثبتوا أن كافة الفئات في المجتمع البحريني تشاركهم الرأي في الوضع السياسي والاقتصادي للبحرين.
إن المجتمع الناقم و«المتحندي» على كل صغيرة وكبيرة لا يرتقي، بل يصبح حاله حال أبواق الفتنة والدعاة إلى الشر، بينما المجتمع العاقل الذي يزن الأمور ويراقب ما يحدث حوله وما يحيط به من أحداث مؤلمة تعم دولاً عربية هو المجتمع الذي يأخذ بيد المسؤولين ليضعها على الجرح دون ضجيج يؤذي الجرح أكثر مما يداويه. هؤلاء هم المصلحون الحقيقيون، خير من أن تضع حسابات وقروبات تتهكم فيها على مستوى الخدمات التي تقدمها الدولة، في الوقت الذي تغمض عينيك وتصم أذنيك عن الإنجازات والمشاريع التي تقدمها الدولة لمواطنيها، فهذا هو النكران والجحود بعينه، وهذه هي النية السيئة التي والله لا تطيح إلا بصاحبها، هذه الحسابات قد أضرت بالمجتمع البحريني مع الأسف، حين مسحت ثقافته الوطنية، وسماحته الأخلاقية، وطباعه الحميدة، حين تقوم بتعويضها بطباع الناقمين الذين لا يحمدون الله في السراء والضراء.
أما المجتمع الذي يقدر النعم التي أنعمها الله عليه في وطنه فهو بالطبع مجتمع يدفع الضرر أولاً عن نفسه، ثم عن دولته، حين يشاهد المجتمع رضا هذا الشعب عن أداء دولته، ويقدر ظروفها ويساهم في حلها، وهو الشيء الذي يدخل في نفسه ونفس مجتمعه السرور والرضى والغنى، ويجعله يرى برك المياه في الشوارع من فعل الأمطار نعمة يشكر الله عليها، ومثال على هذا المجتمع كما ذكرنا، ما عاشه الكويتيون من ساعات فرح، سجلوا فيها أحلى اللقطات لأمطار أغرقت شوارع الكويت، وجعلت بعض مناطقها بحيرات، يتنقل أهلها في قوارب، إنه حب الوطن الذي يبعد الشر عنه حين يشاهده أعداؤه، إنه شعب لا يعطي الفرصة لعدو ولا حاقد بأن تكون تغريدة أوتعليق أوتصرف منه يخدمه في ادعاءاته التي يحيكها من عنده ومن عند الحسابات التي كانت في يوم وطنية، وأصبحت اليوم عدوانية النهج لا هم لها إلا النقد والقدح.