بعض النواب بين مطالبته بإعادة دعم اللحوم وتجاهله لصحة المواطنين
يواصل النواب انتقادهم لأداء الحكومة بأسلوب غير مهذب ولا يليق بمستوى من يمثل الشعب، وذلك حين يصف نائب أداء حكومة البلاد بـ»الطرارة»، ويصفه آخر بـ»التخبط»، وثالث يصف أداءها بـ»الفشل»، وغيرها من الألفاظ التي لا يستحب صاحب النفس الراقية الطيبة سماع تداولها، خاصة في مجلس من المفترض أن يكون قدوة في الرقي والتعاطي مع المشاكل التي تعترض دولته، إذ لا يكون ذلك إلا بأسلوب يتجلى فيه المنطق الراقي والكلمات الرزينة في الطرح والاستدلال عليها بالبراهين، ومن ثم إعطاء الأمثلة والحلول، وهذا ليس من الصعب صناعته، إذا ما كان هدف النائب تحقيق أهداف تخدم المواطن والدولة معاً، لأن مصلحة المواطن من مكانة حكومته، كما أن الحط من مكانة الحكومة لا يخدم مصالح شعب البحرين الاقتصادية والأمنية والسياسية. لدى النواب كثير من الموضوعات التي كان يتوجب عليهم طرحها وتناولها في المجلس، وهي ليست بأقل أهمية من قضية رفع دعم الحكومة للحوم، بل قد يكون طرحها ومناقشتها باب خير ووفرة إيراد، إذا ما تم تناولها بطريقة عملية وعلمية، وإذا ما تمت مناقشتها بأسلوب مخضرم لا يترك مجالاً لأي من المؤسسات الحكومية أن تخرج منها سالمة، إذا ما تم التطرق إلى الإخفاقات في أداء بعض المؤسسات والمخالفات التي دونت بالتفصيل والأرقام في تقرير الرقابة المالية والإدارية. فبعض النواب لم يتصفح ملزمته حتى اليوم، حيث إنه لو تم النظر في قضايا الفساد المالي في بعض المؤسسات وعشرات بل مئات الملايين التي تقوم بتبذيرها، لكانت هذه الملايين الضائعة كافية لتوزيع اللحوم مجاناً، ولكن مع الأسف يبدو أن تقرير ديوان الرقابة المالية يفوق قدرة النائب الذهنية والنفسية التي تتطلب منه الوقت للتحضير والبحث والتقصي وجمع المعلومات، حيث إن ما ورد من معلومات في تقارير الرقابة المالية لا يكفي لطرحها كمادة للنقاش والاستجواب، إن لم تكن معها تقارير مستقاة من أداء المؤسسة للسنوات السابقة، وما قدمته من برامج تسببت بضياع الملايين، أو ذكر أسباب تداعي بعض المؤسسات والشركات الوطنية وانحدارها إلى درجة العجز عن دفع رواتب موظفيها. إنه عمل مضنٍ بالتأكيد يتطلب من النائب اتصالات وعلاقات وبحثاً قد تجعله لا ينام الليل، مما يسبب له العزوف عن استجواب أي مؤسسة، إلا تلك المؤسسات التي يسعى بعض النواب إلى ابتزاز مسؤوليها لتمرير مصالح تعود عليه كنائب. وأما استخدام النائب للعبارات الهابطة والكلمات غير اللائقة، فهذا يعد من أسهل الوسائل، لأنه لا يحتاج إلى تحضير وإعداد، فكلمة «فشل»، و»طرارة»، و»تخبط»، هي كلمات تعكس خواءً فكرياً للشخص الذي يتلفظ بهذه الكلمات، لأنه لم يمتلك في ذهنه مفردات غيرها، كما أنه يرى في استخدامه لها بأنه قد أبرأ ذمته بكلمات صاعقة تسجل له كموقف يشاهد في «اليوتيوب»، كما أنه يعلم أن بعض الصحف المحلية ستجعل منها عناوين لتقاريرها، خاصة الصحف والمواقع المعادية للدولة، وبذلك يكون -في نظره- قد كسب تأييداً شعبياً بغض النظر عن الجهة التي تبنت مداخلته، لأنه قد يكون همه الانتشار وأنه نائب فعال يدافع عن حقوق المواطن في المجلس. ونضرب هنا مثالاً على كيفية تداول القضايا التي تهم الشعب، فقد تكون درساً يستفيد منه بعض النواب، ومنها قضية لها آثار سلبية بل خطيرة على المواطن حين تتعلق بصحته، وهي نوعية اللحوم التي تستوردها الشركة البحرينية للمواشي، وذلك حسب المعلومات التي ذكرها تاجر الأغنام علي الفضالة، حين تطرق في مداخلته في برنامج «أنا البحرين»، وذلك بمشاهدة تحميل 100-150 رأس نافق من الغنم بسبب مرض معدٍ أثناء زيارته للشركة، كما استنكر استمرار استيراد الشركة للحوم الباكستانية التي منعت استيرادها السعودية بسبب انتشار وباء السل، فأين إذاً دور النواب بعد هذه المداخلة التي قد تكون أحد الأسباب في انتشار الأمراض الخطيرة بين المواطنين؟! فقد أصبحت مهمة بعض النواب التشهير بالحكومة في ظل عجزها عن محاسبة واستجواب الشركات الوطنية والجهات الحكومية المقصرة والتي تعج بالفساد المالي والإداري.