إن إزالة الشعارات الطائفية والأعلام والسواد من أعمدة الإنارة والشوارع أو أسطح المنازل والمباني، ليس فيه أي تعدٍ أو تضييق ديني كما تدعي الجماعات التي ليس لديها ولاء للدولة، بل ضرورة إزالتها ومنعها هو من متطلبات الحفاظ على السلم الاجتماعي وإزالة كل المسببات التي من شأنها أن تؤجج الفتنة بين أفراد المجتمع الذي أغلبيته لا يتفق مع هذه الممارسات التي ليس لها مصلحة دينية ولا وطنية، بل هي عبارات شتم ولعن وتحريض ودعوة إلى الانتقام.. الانتقام ممن؟ ليس من الجن أو الأشباح أو الأموات، بل من المكون الرئيس للشعب، ومن رموز الدولة، والتي لا تحتاج إلى تفسير، بل واضحة القصد، كما إن إزالة هذه الشعارات والأعلام هو للحفاظ على وجه البحرين الحضاري مما تسببه هذه الإعلام من تشويه للمنظر العام للدولة، كما إن وجودها يربك المرور.
كما إن توظيف هذه الممارسات المذهبية في البحرين وفي بعض الدول الخليجية والعربية، لا نجد لها مبرراً إلا أنها تأتي تنفيذاً لتعليمات «الخميني» في توضيحه معنى «الشعارات الحسينية» ومنها قوله: «إن مقولة كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء مقولة كبرى لكنها تفهم فهماً مغلوطاً، فبعضهم يتصور أنها تعني أننا ينبغي أن نبكي كل يوم لكن محتواها غير هذا، لو نظرنا إلى دور كربلاء في يوم عاشوراء لأدركنا أن على كل أرض أن تكون كذلك، أن تمارس دور كربلاء، ذاك الميدان الذي خاض فيه سيد الشهداء غمار الحرب ومعه ثلة قليلة فصمدوا وقتلوا ورفضوا الظلم وهزموا «يزيد ودحروه»، هكذا ينبغي أيضاً أن تكون بقية البلدان وينبغي لنا أن نقف في وجه الظلم وعلينا أن نعيد فيها دور كربلاء».
وليس البحرين وحدها من تمنع مثل هذه المظاهر، بل ها هي دولة العراق تقوم بالشيء نفسه، حيث أصدر مدير إعلام شرطة كربلاء تعليمات ضمن الخطة الأمنية بمنع رفع صور الشخصيات الدينية أو السياسية وترديد الشعارات الطائفية أو المذهبية أو ما يدعو إلى الفتنة خلال الزيارة الشعبانية لكربلاء، وذلك تحسباً أن تستخدم الطقوس الدينية إلى شعارات سياسية تستهدف الزيارة وتحويلها إلى منبر للصراعات، فهل يعتبر مدير شرطة كربلاء طائفياً ويمارس التضييق الديني على ممارسة طقوس المذهب الشيعي، ويستحق أن تقدم ضده شكوى لدى الأمم المتحدة لمنعه ترديد الشعارات الطائفية ورفع صور الرموز الدينية؟! أو أن مقرر الأمم المتحدة لا ينظر إلا في شكاوى شيعة البحرين؟!
ثم نسأل أين وزارة البلديات عن هذه الممارسات والتي هي من صلب مسؤولياتها؟ وأين دور مسؤوليها وتصريحاتهم في الصحف عن هذه الممارسات؟ هذه الوزارة التي كان عليها أن تتصدى لمثل هذه المخالفات، ولكن مع الأسف هذه الوزارة مازالت توفر لهذه الممارسات فوق ما تحتاجه من خدمات، وتقدم لهم من الخدمات ما لا تقدمها لمناطق البحرين، وأن هذه الوزارة تتحمل كامل المسؤولية بما تسببت به من مشاكل للدولة حين غض المسؤولون الطرف عن المخالفات القانونية ليس فقط في هذه الممارسات، بل في كثير من الأمور المرتبطة بها، والتي لا يسع المقال لذكرها والحديث عن فداحتها، وما سببته من مشاكل سياسية للدولة في الداخل والخارج.
إن المبالغة في هذه الممارسات هي مثال للعلو والاستكبار في الأرض، وذلك حين يتم إسقاط حق الآخرين، ونكران وجودهم بإرغامهم على قبول ممارسات لا يشتركون فيها، وما نشاهده الآن من المبالغة في ممارسة تلك الطقوس لهو الكبر والغمط بعينه.
نعود إلى إزالة الأعلام والسواد، ونقول إنه عمل ممنون ومشكور، وذلك حين تطبق العدالة تجاه جميع المذاهب، كي لا يطغى مذهب على آخر، بحجة حرية المعتقد.