استفاق العالم يوم السبت الماضي على وقع هجومين إرهابيين استهدفا تركيا. مئات القتلى والجرحى خلفهم العمل الإرهابي المشين، كما هو حال بقية الأعمال الإرهابية، فبعد حادثة أنقرة، لم يعد هنالك من مكان آمن في الشرق الأوسط، وهذا يدعونا صراحة لإطلاق صرخات لتوحيد الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب في كل أنحاء المعمورة.
باتت الرسالة واضحة جداً، فالإرهاب الدولي يجب أن يجابه بمحاربة دولية، فلا وقت للجميع ولا فائدة مرجوة من كتابة التقارير وملء استمارات رسمية حول معالجة قضايا الإرهاب، بل كل ما يمكن فعله، هو أن يضرب قبل أن يضربنا، وأن نقضي عليه قبل أن يقضي علينا.
نحن نؤمن قبل كل ذلك بتجفيف منابعه والقضاء على مموليه وداعميه، كما نؤمن بضرورة قطع كل الإمدادات التي تصل إلى يديه، سواء من دول أو شخصيات أو من مؤسسات تمول الإرهاب بطريقة صريحة، لكن هذا لا يعفينا من المضي قدماً في دعسه حال وصوله إلى الحلقوم، لأن الإرهاب الذي يستطيع أن يضرب أبراج التجارة في أمريكا أو الرياض أو في دول أفريقيا أو حتى في تركيا وبقية عواصم دول العالم، يستطيع أن يصل لكل الدول دون استثناء، فليس للإرهاب صديق، بل هو يعتبر كل الدول والشعوب أعداءه، ومن هذا الوعي بأهمية القضاء عليه، يجب أن نحاربه بكل الوسائل وفي كل الدول. يجب أن نتعلم من التفجير الإرهابي الأخير في أنقرة أنه يوجد هناك أيدٍ منظمة وخفية تعبث بأمن العالم، وهناك دول لها مصالح استراتيجية في أن يصل الإرهاب لأكبر عدد من الدول في المنطقة لخلق الفوضى، كما لا يمكن أن نتجاهل الدور المخابراتي الإسرائيلي في تمويل العمليات الإرهابية لشغل العالم عن جرائم الصهيونية في القدس المحتلة، خصوصاً في الآونة الأخيرة، وتغطية فشل إسرائيل في القضاء على انتفاضة الأقصى من خلال إلهاء الدول والشعوب بقضايا إرهابية مبرمجة حسب الزمان والمكان، وسحب الأضواء من القضية الفلسطينية، ومن ثم القضاء على كل ما هو فلسطيني.
بعد فاجعة أنقرة، لم تعد تركيا التي كانت آخر المعاقل الآمنة من العمليات الإرهابية آمنة على الإطلاق، فالكل بات مستهدفاً في واقع الأمر، ولذا يجب على كل الدول أن تتوحد جهودها في مواجهة الإرهاب والتطرف، وقبل كل ذلك الاستمرار في تجفيف منابعه وقطع كل الأيدي التي تموله، وبما أن الإرهاب غدا أممياً، كان لزاماً علينا أن نحاربه بطريقة أممية أيضاً، وهذا ما لم نتلمسه حتى هذه اللحظة من أروقة مجلس الأمن، ذلك المجلس الذي بات متخصصاً في إدانة إخواننا في فلسطين المحتلة فقط، لتتأكد نظريتنا التي نرددها دائماً وأبداً بأن وراء كل صمت دولي نجد إسرائيل تجلس مطمئنة خلف جداره الصلب، والذي سوف ينكسر قريباً بدماء المضحين من أبناء فلسطين العزيزة، فالقدس مازالت عالقة في ذاكرتنا ووجداننا العربي، ولا مفر من تحريرها من دنس الصهاينة.