في ظروف استثنائية إقليمياً، ومعقدة دولياً تزداد الحاجة لمن يقرأ التحولات الجارية هنا وهناك، ويرسم من خلالها توجهات المستقبل. هكذا هو عاهل البلاد المفدى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله وأعزه الذي حرص على استقراء التحولات والتحديات كل عام وتضمينها في الخطاب السامي خلال افتتاح دور الانعقاد السنوي للسلطة التشريعية ليكون الخطاب موجهاً للبرلمان والحكومة أمام مرأى الشعب، ويصبح إطاراً إستراتيجياً وطنياً للمرحلة المقبلة.
جلالته حرص على قراءة الأوضاع الاقتصادية الاستثنائية بسبب الظروف الإقليمية غير المستقرة، مؤكداً أهمية الإجراءات الأخيرة لدمج بعض المؤسسات الحكومية بهدف دعم الميزانية العامة ومعالجة تحديات الاقتصاد، ومع ذلك فإن جلالته كان حاسماً في ألا تكون مثل هذه الإجراءات على حساب المواطن بحيث لا تقلل أو تمس مكتسباته.
مسيرة التنمية مستمرة كما وصفها الخطاب السامي «ننظر اليوم إلى المستقبل الذي نطمح إليه ونستحقه، المستقبل الذي نريده لنا ولأجيالنا القادمة من واقع ما نختاره نحن لأنفسنا، وليس ما يريده لنا الآخرون، وربما يسعون لفرضه علينا من خلال الإرهاب والإجرام». إرادتنا الوطنية الجامعة هي التي تحدد مسار حاضرنا ومستقبلنا، وبهذه الإرادة اختار الآباء والأجداد حاضرهم ومستقبلهم، ونحن نرسم الآن حاضرنا ومستقبلنا، ولا يمكن أن نسمح للآخرين القيام بذلك.
رغم الألم الوطني بتفاقم الإرهاب، وتزايد التطرف والكراهية، واستمرار التدخلات الخارجية في شؤوننا الداخلية، فإن العاهل أكد الأهمية الإستراتيجية لمشاركة البحرين بالتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة الشقيقة السعودية والتي تتم في إطار وحدة الأخوة والعروبة والمصير.
وفي ضوء هذه المشاركة، تكريم ملكي كبير، وتقدير لا يقدر بثمن من حمد بن عيسى لتضحيات البواسل من منتسبي قوة الدفاع والحرس الوطني ورجال الأمن العام بإعلان يوم 17 ديسمبر يوماً لتكريم الشهداء، وهو تكريم من ملك لأبنائه وتضحياتهم الخالدة، واختيار هذا اليوم من لدن جلالته ليصادف عيد الجلوس، يزيد المناسبة تكريماً وتشريفاً. كما أن التوجيه الملكي بتوثيق المهام والمشاركات العسكرية الوطنية لتدريسها في المناهج الدراسية سيساهم في تعزيز الولاء والانتماء الوطني، وترسيخ قيم التسامح والاعتدال، وإثراء الذاكرة الوطنية.
يوسف البنخليل