عرفت الدعاية منذ فجر التاريخ، كنشاط يهدف إلى محاولة التأثير في الأفراد والجماهير والسيطرة على سلوكهم في أي مجتمع معين، وبهدف محدد، وتراوحت اختلافات وجهات نظر الباحثين عند تحديد مفهوم الدعاية وفقاً لآرائهم واتجاهاتهم، وطريقة ممارستهم للدعاية، ووفقاً لطبيعة الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ولكن الذي يحدث لنا اختلطت فيه موازين مفاهيم الدعاية، والإعلان، فأصبحت كلها تنصب على فن ممارسة التأثير، والممارسة بالإلحاح للتغيير، ما بين الترهيب والترغيب، في قبول وجهات النظر أو الآراء أو الأعمال والسلوك، وهذا ما اتخذته إيران منهجاً لها في مجال الدعاية الإعلامية السوداء. بدأتها منذ الحكم الصفوي برئاسة الشاة إسماعيل الصفوي في عام 1502 واستغلت هذه الدعاية السوداوية المضللة بوسائل مختلفة تعكس واقعها من خلال التزييف وتشويه التاريخ، بالدخول إلى عقول وعواطف الشعوب لتغيير قناعاتهم للوصول إلى أهدافها. تعتبر تلك الدعاية الإيرانية أداة استراتيجية تقوم على أهداف ومخططات تستهدف طبعاً العرب، وخاصة دول الخليج العربي والمنافذ الرئيسة التي تؤدي إلى المملكة العربية السعودية ومن ثم الوصول إلى مكة، لتنفيذ مخططها، مخطط الخطة الخمسينية، بامتداد الهلال الشيعي، بدءاً من العراق والشام ومروراً بدول منطقة الخليج حتى تتمكن عبر المنافذ، من الدخول والسيطرة على مكة. استمالت إيران الكثيرين بدعايتها السياسية، بحجة نصرة أهل البيت، أو تحرير فلسطين، ومع تشكيل الحركات والخلايا المسلحة، توسع الأمر على شكل ميليشيات تكون مهمتها الصدام مع الدول، وابتزاز السياسيين والعسكريين كما هو الحال مع المتمردين الحوثيين الآن في اليمن. كل هذا من أجل تنفيذ أجندتها ومخططاتها لزرع وإشعال الفتنة الطائفية، إلا أن الأمر كان مختلفاً في المملكة العربية السعودية والبحرين، حيث كان واضحاً تماسك شعبي البلدين ووقوفهما يداً بيد مع حكامهما وولاة أمورهما. ولا توجد أدنى غرابة في استخدام إيران دعايتها السياسية للتدمير والتخريب خاصة مع حوادث تفجير المساجد في السعودية، إضافة إلى حادث سقوط الرافعة، وحادث تدافع الحجاج في مشعر منى، ناهيك عن أطنان المتفجرات ومصانع الأسلحة التي تم اكتشافها في البحرين، لكن «بحرين الحزم»، اتخذت القرار الحازم في الوقت المناسب وقامت بطرد السفير الإيراني وسحب سفيرها في طهران، بعد تورط إيران الواضح في البحرين، وتدخلاتها المستمرة في شؤون المملكة، والتاريخ يشهد على ذلك. وتتعمد إيران تنفيذ أجندتها بتصعيد وتفعيل الحوادث التي تقع في أي دولة من دول الخليج خاصة السعودية، من أجل التحريف والتشويه وإثارة الشائعات في محاولة لزعزعة الاستقرار سواء كان عن طريق القنوات الفضائية أو التواصل الاجتماعي أو بالتصريحات بالتلويح بالهجوم وإعلان الحرب، وقد جاءها الرد القوي من السعودية مباشرة. ولاشك في أن عملية «عاصفة الحزم»، ومن بعدها «إعادة الأمل»، تعد أزمة حقيقية بالنسبة للنظام الإيراني، لذلك تسعى دائماً إلى تشويه صورتها بطريقة أو بأخرى خاصة عن طريق إعلامها، وهذا يدل على أن عملية «عاصفة الحزم» ومن بعدها «إعادة الأمل»، تؤدي واجبها على أحسن وجه في اليمن الشقيق. وبالتالي، المطلوب إعلام بحريني وخليجي وعربي، يتصدر المشهد، ويناضل بوجه الدعاية الإيرانية المضللة السوداء، وعلينا مواجهة تلك المسؤولية الإعلامية الكبيرة، من أجل الشعوب والأوطان، بالتعاون مع رجال الدين الشيعة العرب، والمرجعيات الشيعية العربية، وانتقاء نخب فكرية لها تاريخ مشرف ومعروفة بنضالها السياسي، لتفنيد ودحض وخرق الدعاية الإيرانية السوداء والرد عليها.