ما رأيت إنساناً نوى أن يقوم بعمل ما، إلا وقام بتنفيذه بعد فترة، وما رأيت شاباً، أو فتاة، نويا أن يحصلا على شهادة دراسية عليا، ماجستير أو دكتوراه، إلا وحصلا عليها بعد فترة من الزمن، دون أن تقف الظروف حاجزاً بينه وبين ما يريد تحقيقه.
ما يعني هذا لنا، يعني قبل كل شيء تطبيق الحديث النبوي الرائع «اعقلها وتوكل»، يعني أن ما تفكر فيه، حتى لو كان على شكل خاطرة، بذرت في العقل بنية صادقة، ورويت بماء الرغبة ونور الإخلاص وهواء المحبة، فإن كل الظروف والأشخاص والأحداث تعمل على إنجاز المهمة، الخاطرة، الرغبة، لهذا التواق لخدمة نفسه، وبالتالي الآخرين.
هناك مقولة لا أعرف من قالها، ولكنها في غاية الروعة، تقول هذه المقولة «يبقى الشيء ساكناً حتى تفكر فيه، فيتحرك باتجاهك».
إن أفكارك، كما أرى، مثل أطفالك، ما إن تبتسم لهم، حتى تراهم يهرعون إليك ويحضنونك، ويصعدون على ظهرك. إن أفكارك، هي صورة داخلك، غير المرئي، منعكسة على الخارج.
فإن كانت هذه الأفكار تحمل روح الخير، فإن كل ما يخرج منك، الكلام والابتسام والتصرفات والسلوك، بكونك أنت في تلك اللحظة.
وإذا جاز لي أن أقول إن كل ما يحدث في الخارج هو انعكاس لمرآة الداخل. لذلك، كل الأحداث والحوادث، حتى المميت منها، هو انعكاس لما نفكر فيه في تلك اللحظة.
هل وقفت برهة ولاحظت متى تتوقف سيارتك على سبيل المثال عن أداء عملها، سترى أنك فكرت أن السيارة لن تعمل أو أن أحد إطارتها، سيصاب «بالبنجر»، بعد فترة سيحدث ما فكرت فيه، أفكارك السلبية تؤثر على الجمادات، وبالتالي هي قادرة على التأثير بما هو ليس جماداً.
وإذا فكرت بالنجاح والصحة التامة والثروة وكل النعم التي أنعمها الله علينا، ستجدها أمامك، لأنك فكرت فيها، فجاءت إليك مهرولة.
الظروف والأحداث، وهبوط الأسعار وارتفاعها، والغليانات السياسية، قد يكون لها دور ما في عرقلة وتأخير ما نصبو إليه، إلا أنها غير قادرة على إيقاف ما نسعى إليه من أحداث، خاصة إذا كان ما نسعى إليه، معبراً عن داخلنا الحقيقي.
إن نويت أن تقدم الخير، ثق أنك ستقدمه، دون أن يستطيع أي إنسان إعاقتك عن تنفيذ هذا الأمر. إن أردت أن تعمل عملاً صالحاً، لك ولأسرتك، ولأهلك وأصحابك، ثق أن كل الظروف ستعمل من أجل أن تقوم بهذه المهمة الإنسانية.
أنت تستطيع أن تقوم بكل ما هو رائع في هذه الحياة، ما عليك إلا أن تؤمن بذلك، وتتوقع نجاحك في مسعاك، وأكثر من ذلك تخيل أنك قمت بتحقيقه. تذكر أنه ليس على الإنسان إلا ما سعى، فإن كان خيراً وجد الخير، وإن كان شراً وجد الشر.
فعلى سبيل المثال، إن كانت لديك مقابلة شخصية لإبرام صفقة عمل، أو طلب وظيفة، أو طلب خدمة من إنسان ما، لا تفكر في المعوقات التي قد تعترض سبيلك، بل تصور أنها تمت على خير ما يرام وأنك نجحت، عش هذه اللحظة بكل فرحها ومرحها، ابتسم واشكر الله لأنه منحك ما تريد.
كما قلت في بداية كلامي: دائماً اعقلها وتوكل. كل إنسان هو نتيجة أفكاره. كل إنسان هو ثمرة ما زرع.