ربما من الأمور الجيدة التي كانت خلف موضوع رفع الدعم عن اللحوم، هو أن هذا القرار يهدف إلى تقليل مراجعي ومرضى مركز الشيخ محمد بن خليفة للقلب، المواطن لا يرى الأمور بنظرة بعيدة، فقط يفكر في اليوم وفي بطنه، لكن الصحيح أن أمراض القلب في البحرين ربما تأتي في المرتبة الأولى كسبب للوفاة..!
«والناس شايلة وحاطة على موضوع اللحم.. ترى عشان صحتكم» واللافت في الأمر أن اللحم «الأسترالي» ما عليه حسافة، لكن المواطن البسيط الذي لديه عائلة وأبناء لا يفكر في نوعية اللحوم، بل في سد حاجة الأبناء من اللحوم بتكلفة لا ترهقه.
هل يعقل أن يكون كيلو اللحوم الأسترالي بـ 3.750 دينار، هل يعقل هذا؟! هل يعقل أن يدفع المواطن هذا المبلغ على أغنام تم تربيتها لجز الصوف، ومن بعد أن تصبح غير قادرة على إنتاج الصوف تباع لنا، وتباع بالبحرين بهذا المبلغ؟!
أعتقد أن سعر كيلو اللحم الأسترالي يجب أن يراجع، فهناك من يتلاعب بالأسعار على حساب المواطنين، سواء كانت شركة للمواشي أم تجاراً، أم قصابين.
هناك أسئلة يطرحها أصحاب الشأن وهي: لماذا حتى اليوم تحتكر شركة المواشي استيراد الأغنام الأسترالية؟
ألم تخرج تصريحات رسمية أن لا احتكار للسوق؟
كيف تحتكر شركة المواشي استيراد الأغنام الأسترالية؟
كما أن هناك سؤالاً آخر وهو: شركة المواشي قامت باستيراد الأغنام الأسترالية قبل رفع الدعم عن اللحوم، وإذا كان كذلك فيجب أن تقوم الشركة ببيع كل المخزون من الأغنام كاملة التي تم استيرادها بالدعم، ومن ثم تبيع الأغنام التي تم استيرادها بعد رفع الدعم. السؤال هنا، فارق السعر يذهب كربح مضاعف للشركة، وهي التي استوردت الأغنام أثناء فترة الدعم، الفرق في السعر، هل هو ربح مضاعف للشركة على حساب الدولة والناس؟
على صعيد آخر، كثير من الأمور ارتفع سعرها بعد رفع الدعم، وهي ليست لها علاقة بدعم اللحوم، فلماذا ارتفعت أسعار كثيرة، خاصة الشوارما والمشويات، وهي في الأصل ليست لحوماً مدعومة حتى قبل رفع الدعم؟
أين حماية المستهلك من ذلك؟
مطاعم كثيرة كانت تستخدم دجاجاً ولحوماً غير مدعومة، فلماذا قامت هذه المطاعم برفع السعر على الناس رغم أنها لم تتأثر بقرار رفع الدعم كونها تستخدم لحوماً ودجاجاً غير مدعومين؟
ألا توجد رقابة حقيقية على السوق؟
موضوع ترك السوق للعرض والطلب، سوف يجعل الناس تخضع لجشع التجار، وينبغي على الجهات المسؤولة أن تضع حداً لذلك كون الأمر يشكل زيادة في كلفة المعيشة على الناس، وهذا أمر خطير جداً.
في الإمارات مثلاً لا يشتري المواطن لحوم الأغنام الأسترالية ويقولون إن الأسترالي للأجانب، لكن لديهم خيار آخر أفضل من ناحية الجودة، وهذا الخيار غير متوفر بالبحرين، وهو خيار اللحوم الهندية المبردة، أو أنه متوفر بنطاق محدود جداً، فلماذا لا يفتح هذا الخيار أمام الناس.
في منعرج آخر للموضوع، أتوقف عند تعويض الأسرة بمبلغ مادي تعويضاً عن رفع الدعم، فلماذا لم تحدث مساواة، بين الرجل والمرأة هنا؟
كل شيء اليوم ويقولون لك مساواة، وتمكين المرأة، حتى أصبح الرجل هو الحلقة الأضعف، لكن لماذا تعوض المرأة بـ 3.750 شهرياً، بينما الرجل أكثر منها بدينار ونصف؟
هل الدينار والنصف هي عن القوامة..؟!
أم لأن الرجل البحريني يأكل أكثر من زوجته؟!
بصراحة لا نعرف لماذا هذا التمييز في تعويض اللحوم، كما أن المبلغ يدفع كاملاً للرجل، فماذا إذا كان الرجل يأخذ مبلغ تعويض اللحم عن زوجته «ويجيب لها باجة بدل اللحم»؟
بودي أن أقول للناس، إياكم أن تذهبوا إلى تاجر أو مطعم يبيع اللحوم «برخيص»، والله لا نعلم بعد كل الذي نسمع «باجر يطلع لكم لحم كلاب أو حمير، أجلكم الله» ونصير مثل دولة عربية، خاصة أن هناك سابقة اكتشفت بالبحرين قبل رفع الدعم، فما بالكم بعد رفع الدعم، حطوا بالكم.
خلال حديثي مع أكثر من جهة وتاجر أغنام توصلت إلى قناعة تامة مفادها، أن هناك الكثير من الحلول التي يمكن التوصل إليها في موضوع اللحوم بحيث يكون سعر كيلو اللحم العربي الممتاز لا يتجاوز 2.200 دينار، لكن لا أحد يعنيه أن تكون الحلول متاحة أمام الناس، وتركنا الأمور لدى شركة المواشي التي مازالت تتحكم وتحتكر بيع الأغنام الأسترالية.
بالإمكان أن توجد الكثير من الخيارات والحلول لكن لا أحد يعبأ بما يعانيه المواطن من ازدياد في كلفة المعيشة.
** رذاذ
أحد تجار المواشي وهو الأخ عبد الله الشاعر قال «هناك عدة حلول من أجل خفض سعر كيلو اللحم، وأولها استيراد اللحوم السودانية المبردة على سبيل المثال، والتي تذبح بالسودان في الثانية صباحاً، وتأتي بالطائرة إلى البحرين صباحاً، أي أن اللحم يصل للمستهلك بعد 5 ساعات على الذبح فقط».
وأضاف «وهذه اللحوم أطيب من اللحوم العربية الغالية، وحين طرحت بالأسواق تهافت عليها الناس لطيب الطعم، لكن لا أحد يريد حل الموضوع أو لا يوجد من يعنيه أن تصل اللحوم بجودة عالية وبسعر مقبول للمواطن»..!
هذا ما طرحه أحد تجار المواشي وأجد أن من الضروري الاجتماع بتجار المواشي حتى يتم وضع تصورات وحلول من أجل خفض سعر كيلو اللحم من 3.750 دينار، إلى 2.200 دينار وهو فرق في السعر والجودة، هذه رسالتنا للحكومة الموقرة، ولوزارة الصناعة والتجارة، وإلى البلديات.
** لماذا لا يوجد سوق للمواشي؟
سؤال قديم جديد، وهو لماذا حتى اليوم لا يوجد سوق كبير للمواشي مجمع في مكان واحد، هناك مشروع في الهملة لكنه ليس سوقاً بمعنى الكلمة، كل الدول المجاورة لديها سوق للمواشي إلا البحرين ليس بها سوق للمواشي.
** على الجهات المختصة أن تراقب أسعار المطاعم التي رفعت أسعارها دون مبرر وأن تحال المحال للنيابة العامة، وأن تجعل هذا الإجراء معلناً للجميع، حتى ترتدع كل المطاعم وكل من يرفع أسعاره دون مبرر.
** أسعار اللحوم العربية ارتفعت خلال الفترة الماضية وهي ليست لها علاقة برفع الدعم، فكيف يحدث هذا والجميع يتفرج؟ ألا ينبغي أن يوضع حد بالقانون لمن يرفع الأسعار دون أن تتغير أسعار الكلفة وأسعار بلد الاستيراد؟