مواكب المجد تصدح
في بيت الشعر


كان مساء الثلاثاء 15 سبتمبر2015، مساء مختلفاً، أنيقاً في محبته، ومشتعلاً بالتواصل بين من نظروا من الأرض إلى السماء، حيث يذهب الشهداء المخلصين بدفاعهم عن الخير والأمن والسلام، الشهداء الذين صعدت أرواحهم الطاهرة إلى السماء، ورأوا كيف يمجدهم أهل الأرض من خلال أصوات الشعراء المعبرين عن الأوفياء.
تحت شعار»مواكب المجد»، الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على شهداء قوات التحالف الذين صعدوا إلى ربهم في اليمن، أقام بيت الشعر في الشارقة أمسيته الشعرية، التي كانت معبرة عن تمجيد أرواح الشهداء الذين قدموا أرواحهم الغالية من أجل أن يبقى الوطن آمناً، مستقراً، حراً، من الأيادي الأجنبية التي حاولت وتحاول تدمير أحلامنا.
ومن هنا قام الشاعر محمد البريكي، مدير بيت الشعر في الشارقة، بدعوة مجموعة من الشعراء من البلدان التي قدمت أرواح أبنائها، وهي الإمارات «محمد البريكي»، ومملكة البحرين «علي الشرقاوي»، والمملكة العربية السعودية «مفرح الشقيقي»، واليمن «رعد أمان».
وحضر كل من سعادة محمد ذياب الموسى المستشار بالديوان الأميري والدكتور رشاد سالم مدير الجامعة القاسمية والدكتور محمد المسعودي مدير الشؤون الثقافية بالملحقية السعودية وجمع من المثقفين.
قال البريكي وهو يقدم الأمسية «نلتقي في هذا المساء لنؤكد على دور الشعر في مثل هذه الأحداث الجسام التي تصيب الأمة، فهو الأسرع في التعبير عنها بإحساس وإنسانية، نلتقي في مشهد يجتمع فيه العزاء بالفرح، فظاهر الأمر عزاء في الشهداء الذين ماتوا من أجل أن يحيا غيرهم، وباطنه بشرى لأولئك الذين سجلوا أسماءهم في مواكب المجد، وهم يدافعون عن الأمة، أمام ما يراد بها من دمار وشتات، فأعداء الأمن يفرحون حين يرون الدماء تسيل والعيون تدمع والقلوب تتحسر، يريدون أن يحولونا إلى ذئاب ينهش بعضنا بعضاً لتنتهي الإنسانية، لكن إيماننا وما تعلمناه من قيادتنا يمنحنا سداً عالياً ومناعة ضد ما يراد بنا».
ثم ألقى قصيدة بعنوان «لن يلمسوه» تحدث فيها عن الوضع العربي وعن الشهيد ومنها:
من خيبةِ الفكـرِ مروا ها هُنا فـِـتنـــا
يـوزعـــونَ عــــى أحلامنــــــــا محــنــــا
من لسعــــة الجــــوع يأتونا لنجرحهُ
وموطــــنُ العـــزِّ لا يحيا بهِ الجُبــنا
لن يلمســــوهُ ولو أنــا بنـــــا كمــــدٌ
لأننا حيــن نشقــــى نعشــــقُ الوطنا
ثم ألقى الشاعر البحريني علي الشرقاوي قصيدة بعنوان «سادتي الشهداء» وهي على شكل التفعيلة، قال منها:
سادتي الشهداء الذين مضوا
صاعدين بنا
كالحدائق نحو ربيع توهجها
كالقوافل تركضُ شوقاً
إلى بسمة الإرتواءْ
سادتي الشهداء
يا خلاصة ما يتشكلُ
في مهجة العمر
عشقاً لعزف العدالة
في وترِ الصحوةِ العربيةِ
يا لحنَ ما يتكوثرُ
أو يتناثرُ
أو يتنفسجُ من صفوة الأوفياءْ
وألقى الشاعر الإعلامي رعد أمان مجموعة من القصائد التي تميزت بروح الحزن منها قصيدة بعنوان «مواكب المجد» قرأ منها:
جلَّ المصـــابُ فمــــا أقســــى رزايانـــا
ومــــا أشــدَّ علـــــى الأرواح بلـــــوانــا
عظيمــــةٌ يســـحقُ الأوتـــاد عاصفهــــا
حلّت علــى الوطــن الأغلى فمــا هانــا
مواكبُ الشـــرف السامــــي له فخـــرٌ
يعلـــي فداها علــــى الهامــات تيجانـــا
مــــن فتيـــــة نــــــذروا لله أنفســـهم
تقدمـــــوا، خلفــــــوا أهــــلاً وأوطـانــــا
خاضوا غمار الوغــــى بــأسٌ يُدفِّعُهُـم
ويحملـــون علــــى الأكفــــاف أكفانـــــا
وقرأ مفرّح الشقيقي من المملكة العربية السعودية مجموعة من النصوص استهلها بقصيدة عن الشهداء قال فيها:
طاروا وحلمُ الصادقينَ يُرفرفُ
هطلت عواصفُهم وقلبٌ يهتفُ
وتحزموا بالحبِّ لا بالنارِ حتى
أزهرت سحبٌ وكادت تنشِفُ
شقوا سماءَ الحلمِ.. يورقُ عزمهم
وطناً.. إلى حنّانهِ يتلهّفُ
وجنائنُ البن التي ما أصبحت
إلا وقهوتها تئنُّ وتُخطفُ
ستعودُ باسمةٌ وضحكة غصنها
تسمو على صوت الرصاص وتأنفُ
صنعاءُ يا قسماً يُرتلهُ الضياءُ
ويا سماء بالحقيقة يحلفُ
الغاصبونَ تنكست أحلامهم
والظامئون من الشراب ترشفوا
العاشقون أتوك دون جراحهم
وعليكِ من نزف المحبة أسرفوا
إن الوفاء لمن رحل، من أجل أن نبقى نعيش بأمن وسلام واستقرار، هو أحد الفروض الإنسانية والكونية، التي تجعل هؤلاء الشهداء لا يغادرون الذاكرة، فهم السبب الأول في النعم التي نعيشها في كل مكان. لهم الرحمة والمغفرة وجنان السماء من رب الكون.