نبدأ بالأخبار السعيدة التي تطرب الأحباب ويشقي ذكرها الأعداء، وقبل أن نبدأها، لابد أن نستفتح الكلام بالأغنية التي كان يشدو بها شعب البحرين في كل مناسبة ومكان، وتشدو بها كل إذاعة وقناة، إنها أغنية طبعت في ذاكرة تحمل بين طياتها فترة حاسمة في تاريخ البحرين، انتصرت فيها إرادة الحق، عندما نصر الله هذه الدولة على أعدائها الذين تكالبوا عليها من كل حدب وصوب، إنها الأغنية التي تقول كلماتها:
عاشــت يمينــك يا خليفـة يا بــو علــي ذرب اليمــين
يا باني النهضــة الحديثـة ياللـــي على بـلادك أميـن
بحريــن يا عــذرا عفيفـــة يا دارنـــــــا لا ترهبيـــــن
فـي ظل مرويـــن الرهيفة آل خليفــــــة أجمعيــــــن
فالمجد يجر المجد، وصفحات التاريخ خير شاهد من أحمد الفاتح إلى عصرنا الحاضر، حين يجدد هذا المجد حضارة تاريخها أكثر من مائتي عام، وإن شاء الله ستظل إلى قيام الساعة، إنها الحضارة الخليفية التي لم تغفل يوماً عن تعزيز مكانتها بين العالم في كافة المجالات علمية واقتصادية وثقافية وسياسية، إنها الأولى في كل ميادين الخير، حضارة لم تكتف بالماضي التليد بل سعت وتكللت مساعيها بالنجاح والتوفيق من رب العالمين، وهاهي اليوم جائرة من جوائز كثر حصلت عليها مملكة البحرين، وذلك بفضل الله ثم بفضل جهود قادتها الذين قادوا حضارة التقدم والتطوير، إنها جائزة «تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التنمية المستدامة» التي تقدم إلى صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان من قبل الاتحاد الدولي للاتصالات.
لم ينس خليفة بن سلمان في خضم انشغاله بأمن البحرين وأمن المنطقة، أن يواكب قطار التقدم الحضاري العالمي، وها هي شهادة عالمية تقر بذلك، حيث أقر الأمين العام للاتحاد الدولي للاتصالات هولين جاو، أن سموه له حضوره العالمي البارز وأن منحه جائزة «تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التنمية المستدامة» من قبل الاتحاد تقديراً للإسهامات التي حققتها البحرين بقيادة سموه للحكومة وما أرسته البحرين من قواعد بنية تحتية متطورة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات»، هو إقرار واعتراف بأن ما وصلت إليه البحرين من تطور في مجال الاتصالات ما هو إلا دليل على القيادة الراشدة، والسياسة السليمة التي تتبناها الحكومة البحرينية، في تطوير جميع الخدمات صغيرة وكبيرة، حتى استطاعت أن تضاهي بل تتفوق على كثير من مثيلاتها من الدول، وحتى الدول ذات الإمكانيات الأكبر.
هذا عنوان وحضارة اسمها الحضارة الخليفية الممتدة عبر تاريخ البحرين في عهدها الزاهر، الذي قطع ازدهارها لسان كل هماز وذمام، يحاول أن يسيء إلى مجد البحرين وتاريخها الأصيل، إلا أن المسؤولين في المؤسسات العالمية التي تبصر الحقيقة من خلال عيونها، تستطيع أن ترى من هم أصحاب الحضارة في هذه البلاد، ولذلك لم تكن هذه الحضارة مخفية أبداً إلا في عيون أعداء البحرين، الذين لا يسعدهم أن تخط أقلامهم الأخبار الطيبة التي فاح عبقها في العالم، نعم، لأن أقلامهم ومطابعهم لا تجيد الخط ولا تبرع في التعبير إلا في صياغة وفبركة الأخبار المسيئة إلى البحرين وحكامها، وذلك لتحقيق غايات ومآرب يسعون إلى تحقيقها منذ عقود طويلة لإلحاق البحرين بركب الدول المتحطمة التي لا تستطيع حكوماتها توفير حتى أبسط مقومات الحياة، دول أنهت معالم الحضارة في أرضها، واستبدلتها ببرك دماء وأشلاء وجيف الموتى تملأ شوارعها وأنهارها، ولابد أن نذكر هذه الدول ومنها العراق وسوريا وإيران.
ولكن ها هو الحق يحصحص، وهاهو المجد يكتب في صفحات مضيئة تتشرف بها البحرين، عندما يتسلم فارسها خليفة بن سلمان هذه الجائزة التي أضافت إلى نفسها قيمة حين ارتبطت باسمه، جائزة يزينها، لا تزينه، إنها الجائزة التي لن تزيد سموه مجداً وهو من سطره، ولن تزيده زهوة وهو سلالة الزهو والفخر، التي سطرت تاريخ العرب في البحرين وجددته، بعدما انتشلته من خطاطيف الظلام الذين كانوا يحاولون ومنذ القدم أن ينزعوا البحرين من قلادة أمتها، التي باذن الله لن تقتطع منها، فهي أرض الأخيار الطيبين، أرض الرجال البواسل، الذين لا يهنأ لهم ليل، ولا يطيب لهم نهار، ألا عندما تطيب الأمة وتسكن في خير وسلام.
وكما يقول الشاعر عن أهل المجد ويصف أصحابه:
وإن المجــد أولـــه وعـــور ومصـدر غبـه كـــرم وخيـــر
وأنك لن تنال المـجد حتـى تجـود بما يضـن به الضمير
بنفسك أو بمالك في أمـور يهاب ركوبها الـورع الدثـور