تحمل السجادة الحمراء الكثير من المعاني ومنها معنى الانتماء، والجمال، والحب، والتفاهم، والرفعة والعظمة، والاحتفاء بالضيف، علاوة على إضفاء جانب من الطمأنينة في العلاقة مع الأخر، السجادة الحمراء في مهرجان مالمو للسينما العربية تجسد كل تلك المعاني، لتتحول في نهاية المطاف وعلى أعتاب الدورة الخامسة للمهرجان إلى ضوء أخضر للسينما العربية للولوج نحو العالمية.
في تمام الساعة السادسة من مساء الثاني من أكتوبر المقبل تتزين السجادة الحمراء لمهرجان مالمو للسينما العربية بنجوم وصناع ونقاد السينما العربية، وضيوف المهرجان المحتفين بهم من صناع السينما في السويد ودول الشمال، فاللون الأحمر سيأخذ معناه الأكثر جمالاً بحضور نجوم وعشاق السينما العربية، إذ تتاح الفرصة لجمهور عريض من عشاق السينما العربية في مالمو لمشاهدة مراسم السجادة الحمراء في الهواء الطلق في أعرق وأقدم ساحة وسط مالمو القديمة، إذ يختلط عبق المدينة التاريخي برونق السجادة الحمراء ورفعة الضيوف ولهفة الجمهور، علاوة على غنى وتنوع برنامج المهرجان، الذي يفتتح بالفيلم المصري «سكر مر» للنجم أحمد الفيشاوي بحضوره وحضور مخرج الفيلم هاني خليفة وكوكبة من نجومه، وفي هذا العام تضاعف رواد بساط الريح القادمين إلى مالمو عبر بوابة مهرجان مالمو للسينما العربية. وسبق للمهرجان أن أعلن عن قائمة كبيرة من نجوم وصناع السينما العربية الذين سيمتطون صهوة السجادة الحمراء، وأذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر المخرج الكبير محمد خان، والنجمة المصرية بوسي زوجة الراحل نور الشريف حيث يكرمه المهرجان بحضور ابنته أيضاً مي نور الشريف، ويعرض فيلمه الأخير، بتوقيت القاهرة، في اختتام المهرجان، والمخرجة الفلسطينية نجوى النجار، برفقة النجم المصري العربي خالد أبو النجا، والنجم السوري جمال سليمان، والمخرج والنجم العراقي جمال أمين، والمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، والناقد صلاح هاشم، والناقد طارق الشناوي، والنجم اللبناني جورج خباز، والنجمة اللبنانية ديموند أبو عبود، والمخرجة اليمنية خديجة السلامي، والمخرج المغربي ياسين فيناني، والمخرج المصري أمير رمسيس، والناقدة الجزائرية نبيلة زرايق، والناقد اللبناني محمد رضا، والنجمة الفلسطينية نسرين فاعور، ونقيب المهن السينمائية المصرية مسعد فودة، ورئيس مهرجان الرباط السينمائي الدكتور عبدالحق منطرش، وقد ذكرت جميع أسماء الضيوف وصناع جميع الأفلام المشاركة في المهرجان ضمن كتالوج خاص بالمهرجان.
من يطلع على تفاصيل الدورة الخامسة لمهرجان مالمو للسينما العربية ما بين 2-6 أكتوبر 2015، لا يسعه إلا أن يقول حقاً إنه المهرجان العالمي للسينما العربية، بوصفه البوابة الأهم وربما الوحيدة لعبور السينما العربية إلى الدول الاسكندنافية وعموم أوروبا، ومنذ دورته الأولى عام 2011 تجتهد إدارة المهرجان في تحديث تلك البوابة وإعادة تصميمها مع كل دورة جديدة، لتصبح بحجم ومكانة السينما العربية من جهة، وتغطية حاجة الساحة الأوروبية للتعرف على السينما العربية والمجتمعات المنتجة لهذه السينما من جهة أخرى، فقد بات المهرجان، الجسر الواصل بين الثقافة العربية والثقافة الأوروبية، سواء بعطائه وتجدده المستمر أو من خلال موقعه الجغرافي في مدينة مالمو الواصلة بين شمال أوروبا وجنوبها.
ما بين الدورة الرابعة والخامسة للمهرجان، جاب مهرجان مالمو للسينما العربية السويد من جنوبها إلى شمالها فوسطها، عبر تنظيم 16 مهرجان في ستة عشر دولة، وكانت هذه الجولة بمثابة استطلاع حقيقي لمدى حاجة المجتمع الأوروبي بوصف السويدي عينة منه للتعرف على الثقافة والمجتمعات العربية من خلال مرآة السينما.
حفزت نتائج الدورة الرابعة والجولة على المدن السويدية إدارة مهرجان مالمو على تطوير وتحديث برامج المهرجان، فاستحدثت إلى جانب المهرجان مؤسسات إن صح التعبير منبثقة عنه تكون بمثابة تكميل لعمل المهرجان بمسابقاته الثلاث وورش العمل وبرنامج الليالي العربية، فقبل الدورة الرابعة بقليل استحدث المهرجان ذراعه التوزيعي باسم مؤسسة توزيع الأفلام العربية في السويد، ومن خلالها أصبحت السينما العربية موجودة ليس فقط في موسم المهرجان بل على مدار العام، والان يهدي مهرجان مالمو صناع السينما العربية في العالم العربي ودول الشمال الإنجاز الجديد عبر إطلاق سوق مهرجان مالمو للسينما العربية، لتجتمع بين يدي المهرجان كل الأدوات اللازمة ليصبح حقاً جسر عبور للسينما العربية إلى شمال أوروبا، من خلال ثلاث مؤسسات متكاملة منبثقة عنه وهي المهرجان، وشركة التوزيع، والسوق.
إنه السوق السينمائي العربي الأوروبي الأول في شمال أوروبا، وهو اليوم حقيقة بعد أن كان حلماً يراود القائمين على المهرجان، خاصة رئيسه المخرج الفلسطيني محمد قبلاوي الذي بذل الكثير من الجهد لينقل السوق من الحلم إلى الواقع. نعم يمتلك مهرجان مالمو للسينما العربية في دورته الخامسة سوق سينمائي يضم 22 منصة عرض لمؤسسات سينمائية عريقة، وشركات إنتاج وصناديق دعم للإنتاج السينمائي، وقد بلغ عدد المؤسسات وشركات الإنتاج التي بادرت إلى شراء اعتماد السوق للمشاركة في أعماله 180 مؤسسة حازت على أكثر من 250 اعتماد. وللسوق منتداه الخاص وورش عمل لا تقل أهمية عن تلك المنبثقة عن المهرجان، وأيضاً ضمن فعاليات السوق أنشأ مهرجان مالمو للسينما العربية بالتعاون مع مؤسسات سويدية وعربية 3 صناديق دعم لإنتاج الأفلام السينمائية على تنوعها، للروائية بالتعاون مع المعهد السويدي للأفلام، وللقصيرة بالتعاون مع فيلم «سكونا» في السويد، ولدعم «الوثائقي» في مرحلة ما بعد الإنتاج مع مؤسسة الشاشة في بيروت.
إلى جانب السوق وأنشطته، أطلق المهرجان برنامج «نقاد بلا حدود»، حيث يلتقي عشرة نقاد عرب مع عشرة نقاد من دول الشمال، يتبادلون الأبحاث والدراسات النقدية، وسبل التعاون والتنسيق وتبادل الخبرات.
تنتشر فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان مالمو في رقعة واسعة من مدينة مالمو، إذ يفتتح المهرجان في سينما سبيغلين في الساحة الكبيرة، ويقام حفل الافتتاح في القاعة الملكية لمبنى محافظة مالمو الأثري، بينما تشاهد العروض في قاعتي سبيغلين، وبانورا في ساحة موليفونك، ويلتئم السوق في قاعة المؤتمرات سانت غريترود، وتنظم الندوات في جامعة مالمو، ويفتتح السوق في صالة المعارض بالقرب من مجمع ترينغلين، بينما يقام حفل الختام وتوزيع الجوائز في أحدث وأكبر تجمع سياحي وثقافي في مالمو المعروف باسم «مالمو لايف» والذي افتتح هذا العام في صالة تتسع لـ1600 شخص، حيث يكرم الراحل نور الشريف بعرض فيلمه الأخير «بتوقيت القاهرة» بحضور ابنته مي نور الشريف وزوجته النجمة المصرية بوسي.

* كاتب فلسطيني – السويد