نعود بالذاكرة إلى 14 فبراير 2011، عندما خرجت الزمرة الكارهة للحكم الخليفي الشرعي لتحتل الدوار، وتمكنت ميليشياتها من احتلال بعض الشوارع الرئيسة في العاصمة، وأغلقت المسارات الحيوية وحاصرت المواطنين والمقيمين في بيوتهم وأعمالهم، واحتلت مستشفى السلمانية، إنها أيام لا تنسى ولن تنسى! وكانت ساعتها الأمنية الوحيدة لدينا أن يعود الأمن إلى البحرين، إنها نعمة الأمن أولاً وثانياً وثالثاً حتى آخراً، وبفضل الله زالت الغمة وعادت نعمة الأمن والأمان، إنه الأمن الذي ليس هناك نعمة تعادله، فانظروا إلى سوريا التي كانت تتدلى من أشجارها أطيب الفواكه، وتتدفق بين أريافها الأنهار، انظروا إلى أرض كانت ملاذ الباحثين عن الراحة والاستجمام، أين هي الآن؟ أين مدنها وأريافها؟ وأين مساكنها ومآذنها؟ وأين أهلها؟ إنها حطام بين سماء تمطر عليها من طائرات نظامها النار والبارود، والمدافع التي تقتلع مآذنها، والنار التي تحرق أشجارها، وقد جفت منابعها، دولة يبحث أطفالها بين أكوام القمامة عن رغيف، هذا بلد كان يسمى سوريا!! وانظروا إلى العراق وكيف صار دولة الجهل بعد أن كان أرض العلم والعلماء بعد أن ذهب منه الأمن والأمان، إنها نعمة الأمن المحسود عليها أنت يا شعب البحرين؟ إنها نعمة الأمن التي صارت في يوم من الأيام بالنسبة لنا أمنية. وبفضل من الله ثم بفضل حكمة الدولة، عاد الأمن والأمان في ظرف أقل من شهر، إنها النعمة التي لو أحصيناها لن ننتهي من عدها، وذلك لما دفع الله من شر، حيث كادت ستكون البحرين كالعراق وسوريا، بين لاجئ وقتيل وسجين، ليس فوق الأرض بل في الأنفاق التي ستكون تحت السراديب، مثلها مثل سجون العراق، لأنها نفس العصابة التي احتلت العراق وتقتل اليوم الشعب السوري، النعمة التي تعبر عنها وسائل التواصل الاجتماعي بتبادل النكات والتعليقات على رفع دعم اللحوم، هذه التعليقات التي يجب ألا يكون مصدرها الشعب البحريني الذي وقف في ساحة الفاتح يدعو الله أن يفرج غمته ويعود بالأمن على وطنه، هذه النكات والتعليقات التي كانت يجب أن يكون البديل لها الرأي والمشورة في الخروج من الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، هذه هي رجاحة العقل وسمو النفس التي عرف بها شعب البحرين، شعب البحرين الذي يصبر على الضراء، شعب البحرين المسلم الذي يغلب مصلحة بلاده على وجبة غداء من «كبسة لحم». الدولة تستمع إلى القول والمشورة والرأي السديد، وهذا هو واجب المسلم في وقت العسرة، وذلك كي لا يترك مجالاً لأعداء البلاد المتربصين، نعم.. أعداء متربصون يستغلون هذه المواقف لتأجيج وتحريض الشعب على الدولة لتحقيق مآربهم التي لم يستطيعوا تحقيقها في 2011، اليوم يسعون إلى تحقيقها من خلالك يا شعب البحرين، عندما تشاركونهم المظلومية المزعومة في التقارير التي يقدمونها إلى الأمم المتحدة. قولوا ما تقولون، ولكن يبقى كلمة الحق يجب أن تقال، إن دعم اللحوم ودعم السلع الغذائية ودعم الوقود كانت نعمة فهل شعرنا بهذه النعم، فهل امتنناها قط، بل نعم اعتدنا عليها وضمنا دوامها، ونسينا أن دوام الحال من المحال، فهذه الأمثال أمامنا وما حصل في دول كانت في رغد من العيش، صارت اليوم آثاراً وأطلالاً، وقد تصير غيرها، مادام غاب وعظ الواعظين الذين تقع عليهم مسؤولية توجيه العامة وإرشادهم وتوجيههم بين حلال القول وحرامه، وحرمة التعليقات التي تعبر عن جحد نعم الله حين تظهر هذه التعليقات والنكات، وكأننا من شعوب دول المجاعة. ونقول هنا لبعض النواب الذين وجدوا فرص رفع الدعم عن اللحوم، وأخذوا يستعرضون عضلاتهم بخطاب هزيل ميت ليحللوا رواتبهم، كان أولى بكم أن تنكبوا على تقارير الرقابة المالية التي نسجت عليها العناكب بيوتها في أدراجكم، وكان أولى بكم أن تطالبوا بإسقاط اقتطاع 1% من راتب المواطن، ومطالبة هيئة سوق العمل بإسقاط العشرة دنانير عن العامل الأجنبي، وذلك كي تتحرر المشاريع الاستثمارية التي وقعت بين مصيبة الركود الاقتصادي، ومصيبة هيئة تلاحقهم بين المحاكم لدفع الرسوم، وكان أولى بها أن تحاسب المؤسسات التي تنفق ملايين من الدنانير على مؤتمر من يوم واحد أو دعم فعالية، وكان أولى بهم أن يطالبوا بوقف عملية التمثيل لهم وللشوريين. التلاحم والتكاتف حول القيادة هو مطلب شرعي، وذلك لسد الأبواب أمام الأعداء الذين يفرحون ويهللون عندما يرون أهل الفاتح يشاركون أهل الدوار، وعلى النواب أن يتحملوا مسؤولياتهم في إيجاد طرق بديلة تساعد الدولة على تحمل كلفة الدعم للسلع الغذائية المهمة، أما قراءة الخطابات الرنانة واستعراض العضلات لتسجيل «يوتيوب»، لا يناسب من «يتمزمز» براتب ومخصصات عالية، ثم يخرج ليتأوه وينشــد لنا مواويـــل المظلومية!