يبدو أن الدول المنتجة للنفط «أوبك» قد حققت أكثر مما تريد في موضوع ترك أسعار النفط لنظام العرض والطلب، ولم تقم بتخفيض إنتاجها النفطي «برغم كل الضغوط» حتى تدعم ارتفاع أسعار النفط.
التقارير تتحدث عن إفلاس خمس شركات للنفط الصخري الأمريكي، والنفط الرملي الكندي، بعد أن مالت الكفة إلى دول الخليج والدول المنتجة للنفط، خاصة أن كلفة إنتاج برميل النفط الصخري يتراوح بين 45 إلى 60 دولاراً للبرميل، وهذا ما لم تستطع شركات النفط الصخري تحمله مع هبوط أسعار النفط مؤخراً إلى تحت سقف الـ 40 دولاراً للبرميل.
التقارير الأمريكية تحدثت عن أن خسائر شركات النفط الصخري بلغت أكثر من 400 مليار دولار، خاصة أن هذه الشركات تعتمد على الاقتراض أو السندات.
الجميع ربما كان يسأل لماذا لا تخفض «أوبك» إنتاجها حتى تدعم أسعار النفط نحو الصعود خاصة مع تحديات الحرب؟ إلا أنه لو فعلت ذلك «أوبك» لرجحت كفة شركات إنتاج النفط الصخري على حساب نفط «أوبك».
أسعار النفط تعافت تدريجياً مؤخراً، ووصلت إلى ملامسة 48 دولاراً للبرميل، وهذا يعزى إلى انخفاض إنتاج شركات النفط الصخري الأمريكي، فقد كان مجموع ما وصل إليه الإنتاج الأمريكي قد فاق 8 ملايين برميل يومياً، وهذا إنتاج كبير، حتى أن الأمريكيين أخذوا يقولون إنهم سيصبحون الدولة الأكبر لإنتاج النفط مستقبلاً.
كل ذلك تحطم أمام استراتيجية الدول المنتجة التي تحملت تبعات قاسية بعض الشيء، حتى توجه ضربة قوية لشركات إنتاج النفط الصخري التي تراكمت عليها مديونيات كبيرة.
البعض شبه كل هذا الذي حدث بين «أوبك» وبين شركات النفط الصخري بأنها حرب سعودية أو خليجية باردة، إلا أن السعودية ودول الخليج يبدو أنهم في طريق تحقيق هدف كسر شركات تقنية النفط الصخري الأمريكي، والرملي الكندي، وهذا سيجعل إنتاج النفط الصخري ربما ينتهي.
خبراء نفطيون توقعوا أن تتصاعد أسعار النفط تدريجياً «كلما أفلست شركات أكثر» بحيث تلامس الأسعار 80 دولاراً للبرميل بحلول 2020.
الكثير من الناس والمراقبين كانوا يلومون دول الخليج والسعودية تحديداً لأنهم لم يقوموا بخفض الإنتاج لصالح ارتفاع أسعار النفط، والبعض لم يكن يعلم الهدف من ترك السوق لنظام العرض والطلب حتى وإن انخفضت الأسعار أقل من 40 دولاراً للبرميل.
السعودية تخوض عدة حروب، على عدة جبهات، حرب أمريكية إيرانية على عدة جبهات، أمريكا تظهر أمامنا أنها حليف، بينما كل همها هو ضرب السعودية، ومحاصرتها بالصفوية الإيرانية، من جهة العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن، بينما فشل مشروع الانقلاب بالبحرين.
لا يمكن بالمقابل تجاهل الموقف الروسي المساند لإيران على كافة الصعد، وكافة الجبهات، ويبدو أن هناك تفاهماً «أمريكي روسي» حول المنطقة، فأمريكا وصلت إلى مرحلة الشيخوخة التي لا تستطيع معها أن تفرض أموراً أو تخوض حروباً، واتضح ذلك في قضية أوكرانيا، وفي سوريا والعراق.
بإذن الله، ستكسب السعودية ودول التحالف حرب اليمن التي ستكسر الخنجر الإيراني في خاصرة الجزيرة العربية، والسعودية بإذن الله ستكسب حربها ضد شركات إنتاج النفط الصخري، حتى وإن كانت التكلفة عالية، إلا أنها بإذن الله ستكسب هذه الحرب وستصبح هي الأكثر تحكماً في سوق النفط العالمي.