تفريغ المناطق السنية الكبرى في العراق وسوريا بالقوة، لا يختلف عن تفريغ المناطق في بعض الدول الخليجية، فالهدف هو التفريغ، التفريغ الذي لم يلفت نظر المسؤولين، التفريغ نفسه يحصل بكل سهولة، كما حصل في صنعاء، وفي بيروت يحصل، وفي عواصم ومدن حيوية في الدول الخليجية. هناك تفريغ تقوده الدولة نفسها كما في العراق، والذي آخره توظيف خلايا تنظيم الدولة «داعش» الإرهابية لطرد أهل السنة من مدنهم الكبرى، بعدما افتعلت الحكومة العراقية الحرب مع «داعش»، والتي منها طرد مئات آلاف السنة من مدنهم، وكذلك هو، تفريغ المدن السنية الكبرى في سوريا، والتي استخدم فيها النظام السوري البراميل المتفجرة لطردهم من مناطقهم، رافقته عملية شراء العقارات التي تقودها إيران، حيث ذكر تقرير نشره موقع «مفكرة الإسلام» عن «الهيئة السورية للإعلام» تحت عنوان «رجل إيران» في سوريا يدعى «عبدالله نظام» يقوم بشراء عقارات العاصمة لصالح طهران، ويتحدث التقرير عن عمليات البيع والإيجارات طويلة الأمد كذلك لشخصيات وعوائل محسوبة على النظام، حيث أكد أصحاب بعض المكاتب العقارية بدمشق وجود نشاط غير مسبوق له في مجال شراء عقارات أهل دمشق، ومنها الفنادق مثل «كالدة والإيوان وآسيا ودمشق الدولي وفينيسيا والبتراء»، باتت جميعها ملكاً للسفارة الإيرانية، كما قامت بشراء عقارات واسعة في مدينة دمشق القديمة، في المنطقة الممتدة من خلف الجامع الأموي وحتى منطقة باب توما، إنها عملية التفريغ بالقوة. وكذلك كانت اليمن، حيث يقول تقرير نشر في 14 نوفمبر 2013 تحت عنوان «الحوثيون يطوقون العاصمة صنعاء» ويطلقون على أحد الأحياء «الجراف الأشرف»، بعد أن طال التمدد الحوثي مناطق حيوية في صنعاء، مثل منطقة الجراف شمال صنعاء ومنطقة حزيز جنوب العاصمة. وبمقارنة ما حدث في صنعاء، وما حدث في بعض الدول الخليجية، وعلى سبيل المثال البحرين، وما تشهده المناطق الحيوية فيها من تغلغل ملحوظ، ومحاصرة العاصمة بمناطق تم تقسيمها وتعدد أسمائها، وتسمية أحيائها لإظهار كثرتها، جميعها كانت تابعة للعاصمة المنامة، إلا أنه تم فصلها عنها بالتسميات، كما تم تمددها بالمشاريع الإسكانية القديمة والحديثة وتوزيع القسائم فيها على فئة بذاتها، وكيف حدث هذا وفي الأصل هي مناطق تسكنها قبائل وعوائل عربية؟ كيف حدث هذا التبديل؟ ومن يقف خلفه؟ ومن يموله؟ ولايزال مع الأسف هذا الشيء مستمراً بطريق مباشر أو بالتحايل الذي يتم عن طريقه شراء العقارات في مناطق مثل القضيبية والحورة والسلمانية، وغيرها من المناطق المجاورة، وكذلك هو الشيء نفسه يحدث في المدن الكبرى، مثل مدينة حمد، ومدينة عيسى، ومدينة الحد، والبسيتين، والذي ظهر في الأخير تسجيل يتحدث عن قيام امرأة بشراء عقارات باسمها وبأسماء أبنائها بطريقة غير طبيعية في مدينة عيسى، فهل تم التحقيق فيه؟ غير الذي يتم تداوله عن شراء عقارات في مناطق أخرى، إلا أن الحركة هذه تحتاج للمتابعة والمراقبة في ظل وجود تهديد أمني خطير، ليست نوايا لقلب النظام، بل مؤامرة انقلابية علنية، ومطالبة تقدم بها الموالون لإيران لدى الأمم المتحدة بتسليمهم السلطة في البحرين. ما قام به الحوثيون في اليمن من الاستيلاء على الأراضي اليمنية، قام به «حزب الله» اللبناني لتقوية نفوذه في المناطق السنية والضاحية الجنوبية في بيروت، بشراء أراضٍ ومنازل، ويطول الحديث هنا عن كيفية استيلاء «حزب الله» على لبنان وتغلغه في المناطق السنية، إذن هي عمليات التفريغ المتشابهة في الدول الخليجية، من خلال التغلغل بشراء العقارات، الذي يؤسس نفوذاً قوياً وسطوة لتواجد وكلاء إيران في المناطق الحيوية والعواصم الخليجية. إنه شراء العقارات الذي تتغلغل إيران من خلاله في الدول الخليجية، والتي استطاع أتباعها ووكلاؤها تنفيذ عمليات الشراء والتمدد ومنه التفريغ بكل نجاح في أغلب الدول الخليجية، بل قد تكون كلها، وذلك تحسباً لساعة الحسم، لتحديد مستقبل البلاد، التي صارت مثل هذه الوثائق والأرقام تحتاجها الأمم المتحدة لدعم عملائها، هذا التغلغل الذي تجاهلته وتتجاهله الجهات المسؤولة في الدول الخليجية، عندما لم يدر في نفسها بأن هناك حسابات وعمليات خطيرة يلعبها أذناب إيران في دولهم، باستغلال مناصبهم، وبدعم وتمويل إيراني من خلال المؤسسات الخيرية، وتجارهم والمصارف الإيرانية في هذه الدول، إنه تفريغ بالقوة وتفريغ بالقانون، وكلاهما يؤسس لدولة شيعية على نمط دولة العراق، وسوريا مستقبلاً، بعدما تصبح فيها أغلبية شعبها من الشيعة الذين ستجلبهم إيران، هو الشيء نفسه اليوم يحدث في دول الخليج.. فهل من «مدكر»؟