استمعت على إذاعة «بي بي سي B.B.C» لحوار جرى بين من يمثلون الحكومة السورية ومن لا يمثلونها حول استخدام غاز الخردل السام مؤخراً في سوريا، وقد ذكر ممثل نظام دمشق أن «داعش» الذي يضم ضباط الجيش العراقي السابق من البعثيين هم من قاموا بتلك الجريمة، خاصة أن لهم تجارب سابقة في هذا المجال في «حلبجة» وغيرها، في المقابل اتهم الآخرون النظام البعثي في دمشق بأنه من قام بتلك الجريمة مستشهدين باعتراف النظام قبل سنوات قليلة بارتكاب تلك الجرائم الشنيعة وتسليمه أسلحته الكيماوية للروس، أي أن تلك الأفعال المرتكبة ضد النساء والأطفال منحصرة بين بعث العراق وبعث سوريا، المضحك المبكي هو رد ممثل نظام دمشق على المذيعة التي ذكرت أن التقارير المصورة تظهر أسطوانات الغاز وهي ترمى من الطائرات العمودية التي لا تملكها المعارضة وكان رده «ولو، تظل المعارضة هي من يقوم بتلك الجريمة»، أي عنزة عنزة حتى لو طارت بشكل عمودي كالهيلكوبتر!
هل حكم قط حزب البعث العراق أو سوريا؟! لا أملك الإجابة وإن كنت سأضرب مثالاً لتقريب القضية، لو كنت مواطناً شريفاً واسمك «عادل مظلوم» وقام آخرون بتسمية أنفسهم كذباً باسمك وارتكبوا جرائم شنيعة تحت ذلك المسمى فهل يجوز عقلاً ومنطقاً أن تلام أنت على تلك الجرائم؟!
قد نحتاج لزيارة جديدة لقصة البعث في سوريا، حيث نشأ ومثل ذلك في العراق.
أدبيات حزب البعث التي كتبها ونظّرت لها شخصيات مثل ميشيل عفلق وزكي نجيب الأرسوزي وصلاح بيطار وأكرم الحوراني لا يوجد فيها على الإطلاق - وبعكس الحزبين النازي أو الشيوعي - ما يدعو للديكتاتورية أو القمع والتمييز والقتل وشن الحروب وغزو الآخرين أو التدخل في شؤونهم، ما حدث أن مؤسسي حزب البعث قد قُتلوا أو هجروا وقام آخرون كاللجنة العسكرية في سوريا وجماعة حنين في العراق بتسلم السلطة في البلدين وقضوا كما حدث في سوريا عام 1970 والعراق عام 1979 على البقية الباقية من حزب وبدأ حكم الدولة السرية وتسليم المناصب للأشقاء والعائلة والطائفة وأبناء المدينة دون أن يتم تغيير اسم حزب البعث الذي لم يبق منه شيء.
? آخر محطة: تزخر المكتبات بكتب مذكرات وذكريات للعشرات من القيادات الحقيقية لحزب البعث في العراق وسوريا وجميعها تتهم من تسلموا الحكم في البلدين تحت اسم حزب البعث بأنه لا علاقة لهم إطلاقاً بذلك الحزب، بل هم تجمعات سرية تسلقت وأرهبت وأبعدت وقتلت حتى وصلت!

* نقلاً عن «الأنباء» الكويتية