حقاً إنها دولة مثالية، عندما تعجز 33 دولة عن إدانتها سوى بكلام معاد ومستهلك، لا يخرج فحوى إدانتها عن كلمة «قلق»! دولة مثالية عندما تعجز هذه الدول التي أصدرت بيانها في مجلس حقوق الإنسان بجنيف أن ترصد فيها حالة إعدام واحدة دون محاكمة، أو حتى بمحاكمة، فالإعدام حتى الذي يصدر في حق إرهابي يؤجل تنفيذه إلى أجل غير مسمى، دولة مثالية عندما يسجن الإرهابيون في سجون يخرجون منها ليقولوا إنها كانت فرصة للقراءة والاطلاع والعبادة، يخرجون منها بصحة أفضل وبضغط دم عادي بعدما كانوا يعانون من ضغط دم مرتفع، إنها دولة البحرين المثالية في حفظ حقوق الإنسان.
ثم نسأل هل يستحق من يذهب إلى المجتمع الدولي أن ينال شرف المواطنة وأن يحمل الجنسية البحرينية، وأن تعامله الدولة كما تعامل المواطن الذي يدافع عن بلاده، ثم ألا تنظر هذه الدول التي وقعت على البيان وترى أن من رفع القضايا والتقارير على البحرين، هم أنفسهم أتباع الولي الفقيه في إيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن، أليس هؤلاء اليوم الذين يتحدثون عن انتهاك حقوق الإنسان في البحرين تساندهم دول لها أسود سجل في انتهاكات حقوق الإنسان ضد شعوبها، فمن تسبب في هرب الشعب السوري من جحيم الحرب في بلاده ليلاقي حتفه غرقاً في البحار؟ ومن هي اليوم الشعوب التي أبادت حكوماتها الملايين منها؟ أو أن هذه الدول التي وقعت البيان لا يمكنها أن تحاسب هذه الحكومات، كما إن الشعوب هناك متأكدة لو ذهب ممثل عنها لن يعود حياً إلى بلاده، هذا هو حال الشعوب التي تعيش في دول لا تتجرأ على ذلك الدول الـ 33 التي وقعت على بيان مجلس جنيف عن البحرين.
إن هذه الشلة التي ذهبت باسم جمعية الوفاق إلى مجلس جنيف، هي شلة تنعم برفاهية العيش في البحرين، ألا أنها لم تكتف بهذه الرفاهية لأنها تسعى إلى اغتصاب الحكم ونزعه من أهله، لتصبح البحرين حالها حال سوريا والعراق ولبنان يتبعون حكومة الولي في طهران، إن قضيتهم ليست قضية انتهاك حقوق إنسان بل هي قضية أنهم غير موالين للنظام الحاكم في البحرين، ويسعون بكافة الوسائل والسبل للوصول لسدة الحكم وبدعم أمريكي أوروبي، إذن هي مؤامرة انقلابية على البحرين، مازالت مستمرة تقودها الأمم المتحدة عبر منظماتها.
ثم نأتي على اسم جنيف التي يعقد تحت اسمها هذا المجلس، ونتحدث بعض الشيء عن حالات البؤس فيها، حيث ذكر أحد التقارير والذي نشر في يونيو 2014 أن الفقر يطال شخصاً واحداً من أصل 13 شخصاً في سويسرا، في بلد يعد من الأغنى في العالم، وذلك حسب أرقام نشرها المكتب الفيدرالي للإحصاءات، أما بالنسبة لعلاقة سويسرا بالدول التي تنتهك حقوق الإنسان ومنها إسرائيل، فها هو خطاب توجهه المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان في 13 فبراير 2015، إلى حكومة وبرلمان الاتحاد السويسري يطالبها بعدم إتمام صفقة أسلحة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، بصفتها الدولة الراعية لاتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على حماية المدنيين في زمن الحرب، بعد عزمها على شراء طائرات إسرائيلية دون طيار عبر صفقة لصالح الجيش السويسري تتجاوز قيمتها 280 مليون دولار، حيث تعد إسرائيل واحدة من الدول الأكثر انتهاكاً لحقوق الإنسان لاسيما المدنيين منهم، حيث تمثل هذه الصفقة خرقاً لالتزامات سويسرا الأدبية والأخلاقية، حين تتم صفقة مع دولة تقتل طائراتها دون طيار المدنيين في فلسطين، هذا هو حال الدولة التي يعقد فيها مجلس حقوق الإنسان، وهي تصادق أعداء الإنسانية وتتعاقد معها، كما يعيش نسبة من شعبها فاقة الفقر، إلا أنها دولة غير مستهدفة من الأمم المتحدة لتغيير نظام الحكم فيها.
ثم نعود لنقول إن البحرين هي دولة مثالية في سجل حقوق الإنسان، حين لم تستطع 33 دولة مجتمعة أن تعبر بأكثر من كلمة «قلق»، ولم تستطع أن تضرب بمثال واحد كدليل لانتهاك حقوق الإنسان، لأن ما سمته مضايقة المطالبين بالحرية، ما هم إلا «شلة» الولي الفقيه التي تذهب إلى جنيف بكامل أناقتها، وتعود إلى البحرين معززة مكرمة، وعلى يقين بأنها لن يسألها أحد، ولن يحقق معها أحد، ولن يقاضيها أحد، بتهمة التآمر على قلب نظام الحكم، والتعاون مع منظمات أجنبية، والتخابر مع دول من أجل وصولها إلى سدة الحكم، وهي الدول نفسها التي أوصلت الحكومة العراقية الحالية إلى الحكم.