الغرب يتطلع لتحقيق مجموعة من الأجندات في الحروب الكبرى المقبلة في الشرق الأوسط، والقوى الإقليمية تسعى لمد نفوذها على أوسع نطاق، والتصورات تتباين حول مستقبل خريطة المنطقة. فماذا تريد دول مجلس التعاون الخليجي من هذه الحروب؟ وكيف يمكن أن تنتهي بما يحقق مصالحها؟
البعض اليوم يراهن على أنه لا يمكن لدول المجلس أن تحقق أي مكاسب؛ لأن الحروب تمس مصالحها ووجودها في الأساس مع ما تتعرض له من حالة عدم استقرار تاريخية. وبالتالي لا يحق لها التفكير في مستقبلها، أو تحديد مساراتها للمرحلة المقبلة.
هذا التفكير نظري فاشل، لأنه لا يمس جوهر ما تتمتع به دول المجلس من إمكانيات وقدرات وحرص على أمنها واستقرارها. ولكن الحاجة ماسة اليوم للبدء بتفكير إستراتيجي بكيفية التعامل مع مستقبل الشرق الأوسط في ظل تحولاته. وما هي المصالح التي تتطلع دول المجلس لتحقيقها؟ وما هي المكاسب المطلوب حمايتها وحفظها؟
قد يكون الأمن والاستقرار المطلب الأساسي لدول مجلس التعاون، ولكن مسألة الأمن الاقتصادي، والأمن الاجتماعي أيضاً مطلوب التعامل معها بجدية أكبر. فنموذج الدولة الريعية بات على المحك، ويحتاج لمعالجة فورية دون تأخير، فظروف الستينات والسبعينات اختلفت الآن، وصار المطلب دولة خليجية ليست ريعية، ولكن أنظمة الرعاية يجب أن تتطور وتعالج الخلل الهيكلي الذي دام عقوداً وكلف دول المنطقة الكثير.
سياسياً؛ دول الخليج عليها البحث في كيفية الاستفادة من الشرق الأوسط إذا طاله التقسيم أكثر، سواءً الآن أم بعد حين. وما هو الحد الذي يمكن فيه تحقيق مكاسب، وما هو الحد الذي يمكن أن يمثل تهديداً حقيقياً؟
أسئلة كثيرة بحاجة لإجابة، أبرزها هل من مصلحة دول المجلس التورط أكثر في صراعات المنطقة، وإن كان هذا التورط عسكرياً؟ وإلى أي مدى يمكن الدخول في مواجهات إقليمية سياسية؟
أيضاً، هل من مصلحة دول المجلس انقسام المنطقة بشكل إثنو ـ طائفي؟ أم يمكن التعامل معها بمرونة أكبر إذا كانت انقساماتها سياسية؟ وما مصير الجماعات الثيوقراطية الراديكالية التي تسعى لإقامة ثيوقراطياتها في الشرق الأوسط؟
هذه بضعة أسئلة إجاباتها بحاجة إلى أبحاث طويلة ومعمقة لتساهم في تحديد مستقبل دول مجلس التعاون الخليجي.