تحكي قصة قديمة عن عدو أراد غزو مدينة، فمر أحد الجواسيس عند مدخلها على شاب جالس فسأله عما يفعل فقال: «أعد سهامي ورماحي وأتحضر للتدريب»، ووجد حديثه كله عن الفنون القتالية، فعاد الجاسوس لجماعته ونصحهم بعدم غزو المدينة لما رآه من اهتمام شبابها بتحصين أنفسهم من أعدائهم بالتدريبات والقتال وانشغالهم الدائم بذلك، مرت السنون فعادوا لإرسال الجاسوس إلى المدينة فمر على شاب وجده يرسم قلباً مكسوراً ويكتب شعراً، فسأله عما به، فأخذ يحكي له عن لوعة فراق حبيبته وأمور الحب، فعاد الجاسوس إلى جماعته وقال لهم: «الآن بإمكانكم غزو هذه المدينة».
قبل أكثر من سنة كان أحد الشرفاء يحدثنا ويقول: «مشكلة الشرفاء الدائمة هي الغرور والثقة الزائدة البعيدة عن ملامسة الواقع ورصده، فدائماً ما نجدهم ونحن نحذرهم وننبهم إلى مخاطر العدو يقولون كلمات من نوع (ما يقدرون.. ياويلهم ان ياو بنذبحهم.. ما بيسوون شي هم ضعفاء ونحن أقوياء) عندما نصحنا أهل اليمن بأهمية إدراك مخاطر الحوثيين والمخططات الإيرانية كانوا يتفاخرون أمامنا بعتادهم وأسلحتهم وأنه من السهولة هزيمتهم، واليوم ماذا حدث؟ الحوثي اقتحم صنعاء وربعنا رقود».
استحضرت كلامه هذا ونحن نتابع عمليات إعادة الأمل، والتي جاءت بسبب مخططات إيرانية وكمائن فاتت على أهل اليمن دون الانتباه لها، حسب تقرير سري لخبراء في الأمم المتحدة، ذكر أن إيران كانت تقوم بإمداد الحوثيين بالأسلحة منذ عام 2009، إلى أن تمكنت السلطات اليمنية من إحباط بعضها عام 2013، وهناك تقارير أخرى تؤكد أن إيران كانت تعد جيشاً من الحوثيين منذ أكثر من 24 سنة للحظة الحسم، للأسف الإغفال عن دراسة المؤشرات وتتبع أبعادها والتمعن إلى ما بعد عملية ضبط الأسلحة لا الاكتفاء بالخبر عام 2013 هو ما أدى إلى هذه النتيجة التي وصلنا إليها اليوم.
إن عاصفتنا في اليمن كبيرة جداً ولها أبعاد وانعكاسات، وبإذن الله النصر سيكون حليفنا أمام الحوثيين وجيش صالح، فقوات التحالف المشاركة في عملية إعادة الأمل تقود معارك بطولية لدحر أعداء العروبة، لكن المؤسف عندما نتأمل حال شبابنا الخليجي والعربي وما يعملون إلا التفاخر دون الأخذ بالأسباب والثقة التي تملأهم بالنصر، وكأنه هبة سيسقط علينا من السماء جعلتهم يتخلفون عن الكثير الذي من الممكن أن يدعم حربنا، إن المعركة ضد العدو لا يشترط أن تكون بالأسلحة العسكرية والجيوش بل لابد أن تدعمها عمليات إعلامية وأسلحة إلكترونية تستهدف الروح المعنوية للعدو وتشتت جهوده، فعدونا ليس الحوثي فحسب، بل عملاءه عملاء إيران المنثورين في كل مكان، إضافة ضرورة المساهمة في نقل حقيقة ما يجري ومواقفنا كشعوب عربية أمام العالم الذي يتابع الحدث، فكل مواطن خليجي عربي ومن موقعه بإمكانه أن يشارك في إعادة الأمل، فالجهاد لا يكون ميدانياً فقط؛ إنما في أكثر من جبهة ولعل أهمها الجبهات الإعلامية والإلكترونية.
يؤسفنا أن نجد كثيراً من الحسابات الفعالة على شبكات التواصل ماتزال في غفلتها وسبات ضياعها، تغريدة أو اثنتين و»جم كلمة « ثم العودة لتصاميم صور تحمل كلمات أغاني أو مسلسلات تركية أو فنانين، أو حتى الانشغال بأخبار الفنانين والنقاش في قضايا هامشية، بدلاً من تولي القيادة وترجمة الأخبار والمقالات والمعلومات التي تدعم شرعية اليمن وإرسالها للقنوات العالمية أو حسابات المنظمات والوسائل الإعلامية الدولية وإيجاد رأي عام عالمي متضامن.
كنا نتمنى أيضاً من حكوماتنا الخليجية الضغط على بعض المستثمرين وأصحاب المؤسسات الإعلامية الخليجية لعمل برامج وحلقات تواكب عملية إعادة الأمل وتنقل المستجدات وتساهم في دعم الروح المعنوية والقتالية لقواتنا، كنا نطمح أن تكون هناك حملات إعلامية مكثفة وحلقات دينية وثقافية ووطنية تتكلم عن أبعاد هذه الحرب ومخاطرها وانعكاساتها على أمن المنطقة العربية وتبث أمل إيقاظ الشعوب من غفوتهم، لا يكفي أن تقود القنوات الإخبارية هذا النهج، المطلوب اليوم أن تتكاثف الجهود، فهذه الحرب ليست سهلة وأبناؤنا الذين يقاتلون على أرض اليمن يستحقون أكثر من هذا.
المبادرة الجميلة التي قامت بها مدرسة أم الحصم الابتدائية للبنين بالاحتفاء بشهداء الوطن وتعليم الطلبة الولاء والتضامن من خلال ارتداء الملابس العسكرية وحمل صورهم، تختصر الكثير من المناهج التعليمية الإنشائية في حب الوطن والولاء لقيادته وشعبه، ونتمنى أن تقتبس مثل هذه الفكرة وتعمم على كل المؤسسات والجهات بالدولة، إن تلقين هذه المفاهيم للجيل الناشئ بالفعل لا الكلام هي الصناعة الأهم التي يجب أن نهتم بها.
خلال فترة حرب الخليج بالتسعينات؛ لانزال نستحضر مشهد آبائنا وهم يرتدون الملابس العسكرية ويتغيبون عنا، كنا نطالع ملابسهم بإعجاب ونحاول تقليدهم وكانت النفوس مشغولة بهذا الهم، هم حفظ أرض الكويت والدفاع عنها، كانت الأجواء أيامها عسكرية بامتياز، وهذه الثقافة التي رسخت الكثير من التوعية لاحقاً، مانزال نستحضر صفارة الإنذار والبيانات التي كنا نتابعها من تلفزيون البحرين، وكيف كان يتم تلقيننا الدعاء والصلاة، وكيف كانت الإرشادات وكيفية التصرف في حال «إلقاء الكيماوي»، لماذا فقدت أجيال الخليج الحالية هذا النهج؟ لماذا بوصلة الإعلام اليوم بعيدة عن ترسيخ هذه المعركة الخليجية العربية التي لا يستهان بها مهما عقدنا الأمل والعزم بالله أن النصر حليفنا في ذاكرة الجيل الناشئ؟ النصر لا يأتي بالأغاني الوطنية والرقص والفيديو كليبات؛ بل على سجادة الصلاة وبغرس مثل هذه المحطات الهامة في نفوس الأطفال والجيل الصاعد حتى يستمر حلم الدفاع عن العروبة والخليج ويبقى متناقلاً بين الأجيال، لذلك لابد من تكاتف الجهود من كافة الجهات، فكما إن هناك جنوداً يرابطون لتحرير اليمن من أعدائها الذين هم بالنهاية أعداؤنا ويطمحون لغزونا، لابد أن يرابط كل مواطن من موقعه بحفظ الأمن الداخلي للدولة وإطلاق حملات ومبادرات تواكب الحدث الكبير الجاري.
كنا نتمنى من مجموعات «واتس آب» على الأقل أن تتحول إلى غرف عمليات إعلامية لهذه الحرب، وتبادر ببث الحقائق والتصدي لكل الإشاعات بدلاً من «السوالف اليومية العادية»، لا يمكن لدولنا وحدها أن تجابه حرب العصابات الإيرانية بالمنطقة، الشراكة المجتمعية مهمة اليوم ومواقف المواطنين الشرفاء لابد أن تسجل بالفعل وليس «بجم تغريدة وأغنية وطنية»، هناك عصابات إيرانية داخلية في دولنا، وكل مواطن يعد جندياً للتصدي لهذه العصابات والانشغال بالدفاع، إن باب التجنيد الإعلامي والإلكتروني مفتوح اليوم لكل خليجي وعربي.
- أحاسيس عابرة..
- مبادرة ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان آل سعود بمعاملة الجنود الإماراتيين والبحرينيين الذين استشهدوا أثناء عمليات إعادة الأمل في اليمن معاملة الشهداء السعوديين مادياً ومعنوياً مبادرة تستحق الإشادة والاعتزاز، وهي ليست بمستغربة على هذه الدولة الشقيقة التي طرحت فكرة الاتحاد الخليجي، وماتزال تقود العديد من المبادرات العربية خدمة للإسلام والعروبة.
- بدأ العام الدراسي الجديد، وكنا نتمنى من تجارنا الشرفاء الخروج بمبادرات دعم المستلزمات المدرسية والجامعية وكفالة الطلبة المحتاجين وتنظيم مصروف شهري لهم، كما يفعل بعض التجار الذين يمولون الإرهاب ويخصصون كثيراً من أرباح تجارتهم لدعم طلبة محسوبين عليهم.
- شكراً لإدارة الجرائم الإلكترونية بوزارة الداخلية على ما قامت به من ضبط الحسابات المسيئة لشهداء الواجب. يجدر القول إن هناك من أخذ يتمادى في وقاحته ويخال الأمور في البلد «سايبه» وإن القانون معطل، فجاءت هذه الخطوة كمنبه ورسالة بأن الدولة دولة القانون، هؤلاء تطاولوا على شرفاء الوطن متقمصين شخصيات ومتحدثين بأسماء مذاهب ومناطق، وكنا ندرك من خلال كلماتهم أنهم لا يمثلون أخلاق أهل البحرين الشرفاء.. نتمنى أن تواصل الإدارة جهودها في ضبط الحسابات الأخرى حتى نرتاح من ظاهرة «مهرجين تويتر».
- نبهنا أكثر من مرة عن تعمد بعض الحسابات التي تنتحل الشخصيات الدخول على تغريدات الشرفاء لطرح نقاشات ثنائية ومواضيع جدلية، لذلك وجب عدم التجاوب معهم، فهدفهم تضييع الوقت وتشتيت الجهود بدل التركيز على التغريد وقيادة الحملات الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعية، كما إن هذه الحسابات المدسوسة تأتي لنشر الفتن والفرقة وإيجاد الخلافات بين شرفاء الوطن، فهي تتعمد طرح مواضيع تجلب الخلافات، بل إن هناك حسابات تتخفى بأسماء لأجل إضاعة أوقات المغردين الخليجيين والعرب الذين يسعون لنصحهم وإيضاح الحقائق لهم، السؤال الذي يطرح نفسه؛ كم حساب آخر مدسوس بين مجموعات الشرفاء يزعم أنه موالي للبحرين وقيادتها، وهو بالأصل يدس السم في العسل؟