البحرين دولة جزرية، وفي منظور الجغرافيا السياسية فإن سكان الدول الجزرية هم الأكثر قدرة على التعايش بحكم مجتمعهم المتنوع، وهم الأكثر قدرة واستعداداً للتعلم والاستفادة من تجارب الآخرين.
الإدارة الأمريكية ما توقفت تدفع حكومة البحرين لإجراء مزيد من الإصلاحات (ذي مغزى)، وتشجعها على احترام حقوق الإنسان، ولكن فاقد الشيء لا يعطيه أبداً مهما كانت المحاولة.
البحرين لديها القدرة والاستعدادات للاستفادة من أي تجربة مفيدة، ولكنها ليست مستعدة لإضاعة وقتها مع تجربة لا تستحق أو أكدت فشلها.
لسنا بحاجة لنتعلم من الأمريكان، لأن الأمريكان هم الذين بحاجة لمن يعلمهم كيفية احترام حقوق الإنسان، فالعالم أجمع شاهد كيف يتعامل رجال الأمن الأمريكيون مع المتظاهرين السلميين، وكيف أجرم رجال الأمن وتورطوا في قتل مواطنين عُزّل ليس لسبب سوى أنهم سود مما يعكس عنصرية لم يتمكن النظام الحقوقي الأمريكي من إنهائها حتى الآن.
رغم الظروف الصعبة، فقد قامت البحرين طواعية وعن قناعة راسخة بمشروع ذي مغزى لتعزيز حقوق الإنسان، وأنشأت العديد من المؤسسات الرسمية المعنية بهذه الحقوق وفتحت المجال أمام تأسيس مؤسسات المجتمع المدني، وأصدرت حزمة ضخمة من القوانين لحفظ حقوق الإنسان حتى بات الحق معلوماً والظلمُ مرفوعاً.
حتى نختبر نظامنا الحقوقي في البحرين علينا بمقارنته بالنظام الأمريكي لمن يعتقد أنه الأفضل. فلو بحثنا عن متشرد واحد في البحرين فلن نجد، في الوقت الذي يقبع فيه حوالي 3 ملايين أمريكي يعيشون تجربة التشرد سنوياً في 100 مخيم للمتشردين بينهم 1.3 مليون من الأطفال، فأين حقوق الأطفال؟
في البحرين، الدولة تسعى لمعالجة الأزمة الإسكانية وتسّخر جهودها لإنهاء هذه الأزمة وتحاول إنجاز 40 ألف وحدة سكنية، وتساهم في دعم المواطن مادياً إلى حين تسليمه منزله (3 آلاف دولار سنوياً)، في الوقت الذي يعاني فيه مليون أمريكي من عدم إمكانية تلبية كلفة السكن، فأين حق السكن؟
تقارير الأمم المتحدة تؤكد أنه لا يوجد شخص واحد يعيش تحت خط الفقر في البحرين، ولكن عدد الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر في الولايات المتحدة تجاوز 45 مليون شخص.
البحرين لم تحبس مواطناً أو مقيماً دون سبب أو محاكمة، ولكننا مازلنا نتذكر وعود الرئيس أوباما بإغلاق معتقل غوانتنامو سيئ الصيت، حيث يوجد المئات ممن تم اعتقالهم دون محاكمات حتى الآن!
نرحب بكل تجربة مفيدة، ولكننا نقول للأمريكان تعلموا قبل أن تعلمونا.
يوسف البنخليل