دول الخليج يجب أن تأخذ اليوم عبرة لما يحدث في اليمن؛ عندما حاولت ميليشيات انقلابية السيطرة على مؤسسات الدولة وإرضاخ شعب بأكمله تحت سلطتها والتحكم في مصيره، هذه الميليشيات شأنها شأن الميليشيات في دول الخليج الأخرى؛ منها ما ظهر للعلن يطالب بتسليم سدة الحكم إليه كما حدث في البحرين، ومنها من كاد أن يقوم بمؤامرة انقلابية، ومنها من ينتظر الوقت المناسب للخروج.
هذه الميليشيات التي استطاعت أن تقود حرب مواجهة في اليمن مع دول الخليج، مثلها مثل حزب الله اللبناني ومثل الميليشيات الانقلابية في البحرين، والتي لا تختلف عقيدتها السياسية عنهم، والتي مع الأسف مازالت تسعى لاستكمال سيطرتها على المؤسسات الحيوية، حيث جندت أتباعها لاختراقها بكافة الوسائل والطرق متحايلة على تجميد التوظيف، حيث يتم توظيف أشخاص معينين في وظائف حيوية وحساسة يتم من خلاله التحكم في إدارات الشركات التي أصبحت حصراً عليهم، كما أصبحت تشكل خطراً على الأمن القومي، خاصة إذا كان لهذه الشركات مقرات ومحطات خارجية، ولذلك لا تستغربوا أن يتم تهريب أسلحة أو إدخال أفراد من الحرس الثوري الإيراني بحراً وجواً، خاصة أن شركات الأمن الخاصة قد تمكنت منها الميليشيات.
اليوم حُدد مصير الحوثيين، وإن شاء الله مصيرهم إلى الزوال على يد التحالف العربي الذي أصبح أكثر إصراراً على إنهاء وجودهم في اليمن، ولكن ماذا عن باقي دول الخليج؟ ماذا عن البحرين حيث استفحل خطر هذه الميليشيات؟ وذلك بعد أن تمكنوا من كثير من المؤسسات؟ فهل هناك من يقيم الأخطار المترتبة على تمكين الميليشيات من كثير من المؤسسات الحيوية؟ هل هناك دراسات أمنية أجريت على الشركات الحيوية مثل بابكو وطيران الخليج وألبا وشركات الاتصالات؟ هل هناك دراسة على المؤسسات الحكومية، خاصة الخدمية مثل الكهرباء والماء والبنية التحتية من طرق وصرف صحي وصيانة المباني ومشاريع البناء، والتي قد ينظر إليها بأنها لا تعدو أكثر من مؤسسات خدمية؟ لكن بالفعل لديها إمكانات على شل البلاد، كما إن لديها إمكانية استغلال الخدمات عند القيام بأي مؤامرة انقلابية.
أتذكرون ذلك اليوم الذي انقطعت فيه الكهرباء عن البحرين، والتي لا نعرف أسبابها حتى اليوم؟ أتذكرون كيف استغلت هذه المؤسسات من قبل الميليشيات أثناء المؤامرة الانقلابية؟ أتذكرون ما الأسباب التي أدت إلى احتلال مستشفى السلمانية بالكامل؟ إذن الوضع لا يختلف هنا عن اليمن أو لبنان، وكيف استطاعت هذه الميليشيات التغلغل في أجهزة الدولة، حتى تم اختراق مؤسساتهم الأمنية والعسكرية.
أمام دول الخليج اليوم تحدٍ من الداخل، وذلك عندما ترعرعت هذه الميليشيات من خلال سعيها خلال عقود بترتيب نفسها وصفوفها، وخطر مواجهة هذا الأمر أكبر من أي خطر خارجي، خاصة أن هذه الميليشيات تستغل انشغال دولها بحرب تحرير اليمن، وقد تغفل عما يدور في مؤسساتها، خاصة أن هناك مؤشرات في بعض الشركات الحيوية لا تبشر بالخير في ظل غياب المراقبة وعدم وجود جهاز أمني ومتابعة يقوم بالإشراف على ما يقوم به المسؤولون من إجراءات تصب لصالح الانقلابيين، كما يقوم بعض هؤلاء المسؤولون بمضايقة المخلصين من الموظفين بشتى الطرق في هذه المؤسسات، ويحدث هذا علانية، وكم من موظف في هذه الشركات قد هدده مسؤوله بإنهاء خدماته أو يقوم بتهميشه واستبداله بموظف مطيع لا يعصي له أمراً، لأنه ممتنن له بتفضله عليه بوظيفة لا يحلم بها، كما إن الانقلابيين في هذه المؤسسات عادوا لأحسن ما كانوا عليهم رغم ثبوت جريمة المشاركة في المؤامرة الانقلابية عليهم، إلا أن المسؤولين الجدد الذين تم تعيينهم بعد المؤامرة في بعض هذه الشركات، مع الأسف، ليس لديهم حس وطني ولا غيرة على البلاد، فمنهم المنافقون الذين ترك لهم «الخيط والمخيط»، يحدث هذا في شركة وطنية حيوية تشكل خطراً محققاً على الأمن القومي، حيث إن هناك معطيات تدل على الاختراق من بعض محطاتها.
إنها العبرة المطلوبة، العبرة يا أولي الأبصار؛ عبرة من حرب تخوضونها مع نفس العدو الذي يستوطن دولكم، العبرة من لبنان وكيف استطاعت ميليشيات أن تستولي على مؤسساته وتقرر مصير شعبه، العبرة من اليمن وكيف تمكنت جمعية تسمى «جمعية الشباب المؤمن» من السيطرة على مؤسسات الدولة حتى صارت المؤسسة الأمنية والعسكرية تحت إمرتها، وذلك كله كان بسبب غفلة الدولة التي وضعت ثقتها في من لا يستحق الثقة، وهو نفسه ما يحصل الآن في بعض دول الخليج وفي البحرين.